للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَذَا وَأَشْبَاهِهِ، فَإِنَّهُ يَجِدُ عِنْدِي مِنْهُ عِلْمًا جَمًّا وَمَقَالاً» (١).

فلم يعد مروان لمثل ذلك، بل كان يخافه ويخاف جوابه.

...

[حرصه على الحديث:]

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَاذَا رَدَّ إِلَيْكَ رَبُّكَ فِي الشَّفَاعَةِ؟ فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَوَّلُ مَنْ يَسْأَلُنِي عَنْ ذَلِكَ مِنْ أُمَّتِي، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْعِلْمِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا يَهُمُّنِي مِنَ انْقِصَافِهِمْ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ (٢)، أَهَمُّ عِنْدِي مِنْ تَمَامِ شَفَاعَتِي، وَشَفَاعَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ مُخْلِصًا، يُصَدِّقُ قَلْبُهُ لِسَانَهُ، وَلِسَانُهُ قَلْبَهُ» (٣)، وفي رواية: «أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله خَالِصاً مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ» (٤).

لقد شهد رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بحرصه على الحديث، فنعم تلك الشهادة، وهنيئاً لمن شهد له بذلك، وشهد بعض الصحابة بأنه كان جريئاً يسأل رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما لا يسأله غيره، من هذا قول أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ جَرِيئًا عَلَى أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَشْيَاءَ لاَ نَسْأَلُهُ عَنْهَا» (٥).

وَكَانَ يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ (٦). وكان يُصَرِّحُ بهذا إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ


(١) " البداية والنهاية ": ص ١٠٨، جـ ٨. و " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٣٥، جـ ٢.
(٢) معنى «انْقِصَافِهِمْ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ» القصف بفتح القاف وسكون الصاد المهملة ثم الفاء، هو الكسر والدفع الشديد، لفرط الزحام، حتى يقصف بعضهم بعضاً. قال ابن الأثير: «يعني استسعادم بدخول الجنة وأنْ يتم ذلك، أهم عندي من أنْ أبلغ أنا منزلة الشافعين المُشفعين، لأنَّ قبول شفاعته كرامة له. فوصولهم إلى مُبتغاهم آثر عنده من نيل هذه الكرامة، لفرط شفقته على أُمَّته» " هامش مسند الإمام أحمد ": ص ٢٠٨، جـ ١٥.
(٣) " مسند الإمام أحمد ": ص ٢٠٨، حديث ٨٠٥٦، جـ ١٥. ونحوه في " فتح الباري": ص ٢٠٣، جـ ١.
(٤) " فتح الباري": ص ٢٠٣، جـ ١.
(٥) ابن عساكر: ص ٤٧٧، جـ ٤٧.
(٦) أخرجه الترمذي: كتاب المناقب.

<<  <   >  >>