للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القعود في طريق المارة ينزع إليهم بجوعه، لا تحفزه مهمة، ولا يذكر في حرب ولا في سلم».

هكذا أراد أنْ يختم الكاتب حياة أبي هريرة في عهد رسول الله، مهيناً ذليلاً يستجدي أكف المارة. أمن العدالة؟ أم من الحق؟ أم من الوجدان العلميِّ والذوق الفنيِّ الذي يَدَّعِيهِ الكاتب أنْ يُصَوِّرَ أبا هريرة بهذه الصورة؟ أبو هريرة الصحابي الذي ترك الدنيا وراءه، وهاجر إلى رسول الله حُبًّا في الإسلام وطاعة لله، ولازم النبي الكريم أربع سنوات لا يريد منه إلاَّ العلم الطيِّب الكثير، أبو هريرة الذي ترك الدنيا لأهلها ووقَّفَ نفسه للعلم وخدمة الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مقابل كلمات يعلِّمُهُ إيَّاها ومواعظ يؤدِّبُهُ بها. أبو هريرة الذي عرفنا عِفَّةَ نفسه وكرم أخلاقه وشهامته يوم أراد عمر أنْ يُوَلِّيهِ على البحرين فأبى أنْ يقبلها بعد أنْ نزعت منه، يُصَوِّرُهُ الكاتب الأمين تلك الصورة التي لا يرضاها له حق بل لا ينفيها الواقع والتاريخ.

...

[٤ - على عهد الخليفتين:]

يقول الكاتب في [الصفحة ١٤ - ١٥]: «ألممنا بأخبار الخليفتين، واستقرأنا ما كان على عهدهما، فلم نجد لأبي هريرة ثَمَّةَ أثراً يذكر، سوى أنَّ عمر بعثه والياً على البحرين سَنَةَ إحدى وعشرين، فلما كانت سَنَةَ ثلاث وعشرين عزله وولَّى عثمان بن أبي العاص الثقفي، ولم يكتف بعزله، حتى استنقذ منه لبيت المال عشرة آلاف زعم أنه سرقها من مال الله في قضية مستفيضة». ويحيلُنا الكاتب إلى " العقد الفريد ".

أما أنه ألمَّ بأخبار الخليفتين، واستقرآ ما كان على عهدهما، فلم يجد لأبي هريرة أثراً يذكر، فهذا مُجَرَّدُ زعم وادِّعاءٍ، فإنَّ أبا هريرة اشترك في حروب الرِدَّةِ في عهد أبي بكر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، فقد روى الإمام أحمد ما دار بين أبي بكر وعمر عن أبي هريرة وفيه: «فَلَمَّا كَانَتِ الرِّدَّةُ، قَالَ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: تُقَاتِلُهُمْ وَقَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <   >  >>