للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مرض أبي هريرة:]

مرض أبو هريرة فعاده مروان بن الحكم، وقال له: «شَفَاكَ اللَّهُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ»، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّ لِقَاءَكَ فَأَحِبَّ لِقَائِي» ... قَالَ فَمَا بَلَغَ مَرْوَانُ أَصْحَابَ القَطَانِينِ حَتَّى مَاتَ (١).

وكان ينصح الناس، ويأمرهم بالمعروف، ويُحَذِرُهُمْ من مساوىء الزمان، وإقبالهم على الدنيا، وهو على فراش الموت.

فَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اشْفِ أَبَا هُرَيْرَةَ»، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «اللَّهُمَّ لاَ تُرْجِعُنِي»، - أَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ - , ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا سَلَمَةَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَمُوتَ فَمُتْ، فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الْعُلَمَاءِ زَمَنٌ يَكُونُ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَى أَحَدِهِمْ مِنَ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَأْتِي الرَّجُلُ قَبْرَِ الْمُسْلِمِ , فَيَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي صَاحِبُ هَذَا الْقَبْرِ» (٢).

وبكى أبو هريرة في مرضه، فقيل له: ما يبكيك يا أبا هريرة؟ قال: أما إني لا أبكي على دنياكم هذه

وَبَكَى أَبُو هُرَيْرَةَ فِي مَرَضِهِ , فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟، قَالَ: «أَمَا إِنِّي لاَ أَبْكِي عَلَى دُنْيَاكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنِّي أَبْكِي لِبُعْدِ سَفَرِي وَقِلَّةِ زَادِي!! أَصْبَحْتُ فِي صُعُودٍ مُهْبِطَةٌ عَلَى جَنَّةٍ أَوَنَارٍ فَلاَ أَدْرِي إِلَى أَيِّهِمَا يُسْلَكُ بِي» (٣).

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَمَّا حَضَرَتْهُ المَنِيَّةُ: «لاَ تَضْرِبُوا عَلَيَّ فُسْطَاطًا، وَلا تَتَّبِعُونِي بِنَارٍ وَأَسْرِعُوا بِي إِسْرَاعًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ


(١) " تاريخ الإسلام ": ص ٣٢٩، جـ ٢. وفي " طبقات ابن سعد ": «فما بلغ مروان أصحاب القطا حتى مات»: ٤: ٢/ ٦٢. وكذلك في " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٤٨، جـ ٢. وفي " البداية والنهاية ": ص ١١٤، جـ ٨: «فما بلغ مروان أصحاب القطن». ومفهوم أنه سوق القطانين. رُوي بأسانيد مختلفة منها مالك عن المُقبري، وهو صحيح، وانظر " ابن عساكر ":ص ٥٣٤ و ٥٣٥، جـ ٤٧.
(٢) " طبقات ابن سعد: ٤: ٢/ ٦١ و ٦٢، و " حلية الأولياء ": ص ٣٨٤، جـ ١. و " البداية والنهاية: ص ١١٢، جـ ٨.
(٣) " طبقات ابن سعد: ٤: ٢/ ٦١ و ٦٢. و " حلية الأولياء ": ص ٣٨٣، جـ ١. و " البداية والنهاية: ص ١١٢، جـ ٨. و " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٤٨، جـ ٢. و " ابن عساكر ":ص ٥٣٣، جـ ٤٧.

<<  <   >  >>