وقد شهد له بذلك الصحابة والتابعون وأهل العلم من بعدهم (٢).
...
حَضُّهُ على صيانة الحديث من الكذب:
أجل لقد كان أبو هريرة يكثر الحديث عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويحرص على نشره، ومع هذا فإنه كان حريصاً حرصاً شديداً على ألاَّ يدخل حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما ليس منه، وألاَّ يكذب أحد على الرسول الكريم، لهذا كان كثيراً ما يُحَذِّرُ الناس من ذلك، ويُنذرهم بعذاب الله تعالى، ويُذَكِّرَهُمْ بقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَيَمُرُّ فِي السُّوقِ فَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ .. مَنْ كَانَ يَعْرِفُنِي فَأَنَا الَّذِي عَرَفْتُمْ , وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:«مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»(٣).
...
[أبو هريرة والقرآن الكريم:]
مِمَّا لا شك فيه أنَّ أبا هريرة سمع القرآن الكريم من الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما سمع منه الحديث، وكان يتلو منه في أكثر أوقاته، وبخاصة في صلواته ليلاً، التي كان يُحْيِي به ثلث ليله (٤).
وعرض أبو هريرة القرآن الكريم على الصحابي الجليل أُبَيْ بن كعب سَيِّدُ القُرَّاء، وأخذ عنه: الأعرج، وأبو جعفر وطائفة (٥).
وكان أبو هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - شيخ شيوخ نافع صاحب القراءة المشهورة. قال ابن حزم - رَحِمَهُ اللهُ -: وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ: الْقِرَاءَةَ الْمَعْرُوْفَةَ بِنَافِعٍ بْنِ أَبِيْ نُعَيْمٍ، مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قَرَأَ عَلَىَ يَزِيدَ الْقَعْقَاعِ،