و (شبرنجر) وأغرب من هذا أنْ يطعن فيه وفي السُنَّة بعض من يُنسبُ إلى العلم، فقد عثرتُ أثناء بحثي على كتاب تحت عنوان " أبو هريرة " ألَّفه عبد الحُسين شرف الدين العاملي، وهو إماميٌّ، والإمامية يتَّخذون أبا هريرة هدفاً لكي يُوَهِّنُوا أحاديث أهل السُنَّة ويرفضوها، ويُرَوِّجُوا أخبارهم، وقد لَفَّ لَفَّهُمْ من كان لهم تابعاً مُجَرِّباً على تبعيَّته. ولم أكد أتصفَّحُهُ حتى دهشتُ لما جاء فيه من الافتراءات والطعون، والتأويلات التي لا تتمشَّى مع البحث العلمي، ولا توافق التاريخ .. وقد استقى من هذا الكتاب أيضاً محمود أَبُو رِيَّة صاحب كتاب " أضواء على السُنَّة المحمَّدية "، فكان أشدَّ على أبي هريرة من أستاذه، وأكثر مجانبة للصواب، فرأيت من واجبي أنْ أَرُدَّ تلك الشُبُهات التي أثارها بعض أهل الأهواء و المستشرقين وبعض الباحثين، الذين كشفوا عن جوانب من سيرة أبي هريرة، وتركوا الجوانب الأخرى، كما حدث للباحث الأستاذ أحمد أمين، ورأيتُ أنْ أَرُدَّ على بعض ما جاء في كتاب " أبو هريرة " وأتناول خلال ذلك بعض النقاط التي اشترك فيها هؤلاء جميعاً، مُبيِّناً في ذلك كله وجه الحق بالأدلَّة والبراهين، معتمداً على الله - عَزَّ وَجَلَّ - طالباً منه التوفيق والسداد.
...
[مقدمة كتاب " أبو هريرة ":]
قال عبد الحسين شرف الدين:«هذه دراسة لحياة صحابي روى عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فأكثر حتى أفرط وروت عنه صحاح الجمهور وسائر مسانيدهم فأكثرت حتى أفرطت أيضاً، ولا يسعنا إزاء هذه الكثرة المزدوجة إلاَّ أنْ نبحث عن مصدرها لاتصالها بحياتنا الدينيَّة والعقليَّة اتصالاً مباشراً ولولا ذلك لتجاوزناها وتجاوزنا مصدرها إلى ما يُغْنِينَا عن تجشُّم النظر فيها وفيه.
ولكن أسلات هذه الكثرة قد استفاضت في فروع الدِّين وأصوله، فاحتجَّ بها فقهاء الجمهور ومُتَكَلِّمُوهُمْ في كثير من أحكام الله - عَزَّ وَجَلَّ - وشرائعه ملقين إليها سلاح النظر والتفكير.
ولا عجب منهم في ذلك بعد بنائهم على أصالة العدالة في الصحابة أجمعين.
وحيث لا دليل على هذا الأصل كما هو مُبَيَّنٌ في محلِّه بايضاح».