للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجمعت كل الروايات على وجود أبي هريرة بين دافع عن عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يوم الدار.

إلاَّ أنَّ المؤلف يصوِّرُهُ بالمنتهز المستغل لتلك الفتنة من أجل تحقيق مآربه وغاياته، فيقول بعد ذلك: «وبهذا نال نضارة بعد ذبول ونباهة بعد خمول»، ويقول: «وكان أبو هريرة على علم بأنَّ الثائرين لا يطلبون إلاَّ عثمان ومروان، وهذا شجَّعه على أنْ يكون في المحصورين». لا أدري كيف قرأ سريرة أبي هريرة واطَّلع عليها، وليس لنا إلاَّ الظاهر، فقد كان محصوراً في الدار مع عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسن والحسين فكل افتراض يفترضه بالنسبة لأبي هريرة يفترض بالنسبة لمن كان معه فهل يقبل المؤلف هذا لسيِّدَيْ شباب أهل الجنة!؟.

ثم يقول: «ومهما يكن فقد اختلس الرجل هذه الفرصة فربحت صفقته وراجت سلعته، وأكبَّ بعدها بنو أمية وأولياؤهم على السماع منه فلم يألُ جُهداً في نشر حديثه والاحتجاج به. وكان ينزل فيه على ما يرغبون». ثم استشهد بأحاديث موضوعة على أبي هريرة وحَمَّلَهُ وِزْرَ وضعها وهو لا يَدَ له فيها. وعلَّق في هامش [صفحة ١٨ و ١٩]: «أنَّ أولياء أبي هريرة يحيلون الآفة بها على رُواة في أسانيدها». ويأبى هو إلاَّ أنْ يجعل أبا هريرة وضَّاعاً وألعوبة في أيدي الأمويِّين، والأمويُّون لم يظهروا بعد ... !؟.

...

٦ - على عهد عَلِيٍّ [صفحة ٢١ - ٢٦]:

بَيَّنْتُ فيما سبق اعتزال أبي هريرة جميع ما جرى من حوادث بعد استشهاد عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، إلاَّ أنَّ المؤلف يأبى إلاَّ أنْ يعتمد على روايات ضعيفة ليشرك أبا هريرة في بعض الحوادث، وليته يكتفي بذلك، بل يعرض ما يريد مستهزئاً مُزدرياً. فيقول: «خَفَتَ صوت أبي هريرة على عهد أمير المؤمنين، واحتبى برد الخمول، وكاد أنْ يرجع إلى سيرته الأولى، حيث كان هيان بن بيان، وصلعمة بن قلعمة قعدا عن نصرة أمير المؤمنين فلم ينضو إلى لوائه بل كان وجهه ونصحته إلى أعدائه».

<<  <   >  >>