للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معه ويدخل بيته، ويحج ويغزو معه، يده في يده، يرافقه في حله وترحاله، في ليله ونهاره، حتيى حمل عنه العلم الغزير الطيب.

...

[إسلام أمه:]

أسلم أبو هريرة وهاجر إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلاَّ أنَّ أمه بقيت على الشرك، وكان يدعوها إلى الإسلام فلا تستجيب , وأصابه من الهمِّ والحزن ما أصابه، كلما دعاها إلى الإسلام، تأبى عليه، فيزداد همَّهُ وحزنه.

وفي يوم دعاها إلى الإسلام فأسمعته في رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما يكره، وهنا نفسح لأبي هريرة المجال ليُحدِّثنا عما في نفسه، فيقول: جئت إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا أبكي، فقلتُ: يا رسول الله، إني كنت أدعو أم أبي هريرة إلى الإسلام فتأبى عَلَيَّ، وإني دعوتُهَا اليوم، فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أنْ يعدى (١) أم أبي هريرة إلى الإسلام، ففعل. فجئت البيت، فإذا الباب مجاف، وسمعت خضخضة الماء (٢)، وسمعت حسي، فقالت: كما أنت (٣)، فلبست درعها، وعجلت عن خمارها، ثم قالت: ادخل يا أبا هريرة، فدخلت، فقالت: أشهد أنْ لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، فجئت أسعى إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبكي من الفرح، كما بكيت من الحزن، فقلت: أبشر يا رسول الله .. فقد أجاب الله دعوتك، قد هدى الله أم أبي هريرة إلى الإسلام، ثم قلت: يا رسول الله .. ادع الله أنْ يُحَبِّبَنِي وأمِّي إلى المؤمنين والمؤمنات، وإلى كل مؤمن ومؤمنة، فقال: اللهم حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هذا وأمه إلى كل من مؤمن ومؤمنة، فليس يسمع بي مؤمن ولا مؤمنة إلاَّ أحبَّني (٤).


(١) يريد بها أنْ يميل قلب أم أبي هريرة إلى الإسلام.
(٢) " طبقات ابن سعد ": ٤: ٢/ ٥٥. و " البداية والنهاية ": ٨/ ١٠٤.
(٣) " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٢٨، جـ ٢.
(٤) " طبقات ابن سعد ": ٤: ٢/ ٥٥. و " البداية والنهاية ": ٨/ ١٠٤. " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٢٨، جـ ٢.

<<  <   >  >>