للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْهُ فَاعْرِفْ لَهُ حَقَّهُ، وَقَدْ وَلَّيْتُ قَبْلَكَ رَجُلا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ، فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ تَلِيَ وُلِّيتَ، وَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَلِيَ عُتْبَةُ فَالْخَلْقُ وَالأَمْرُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ... » (١).

أما أنه ضربه فإنه غير معقول لأنَّ عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يعرف مكانته ومنزلته، وأما أنه أهانه وقال له: «استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين»، فالواقع يُكَذِبُ هذا لأنَّ جميع المسلمين تحسَّنتْ أحوالهم أيام عمر، وكثر عطاؤهم عندما فتحت البلاد المجاورة فأغدقت عليهم الغنائم والأموال الكثيرة، وإلى جانب هذا لم يرد في الروايات الصحيحة المعتمدة شيء من ذلك.

وهناك ما يدل على عدم اتهام عمر لأبي هريرة، ويدل على استقامته وأمانته، وهو أنَّ أمير المؤمنين عاد إلى أبي هريرة، وطلب أنْ يستعمله ثانية على البحرين فأبى. وأنَّ هذه الرواية تَتِمَّةَ ما نقله الكاتب. إلاَّ أنه حذفها كي لا يظهر بطلان ما يَدَّعِيهِ، ولِيُتِمَّ طعنه في أبي هريرة وفيها «فقال لي بعد ذلك: ألا تعمل؟ قلت: لا. قال: قد عمل من هو خير منك يوسف - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ -. قلتُ: يوسف نبيّ وأنا ابن أميمة، أخشى أن يشتم عرضي، ويضرب ظهري، وينزع مالي» (٢). هذا النص تتمة الذي رواه الكاتب وأبى أنْ يثبته للحقد الذي في نفسه على راوية الإسلام، وهذا النص يؤكِّدُ عدم ضرب عمر لأبي هريرة إذ لو صح أنه ضربه لقال له أبو هريرة: لن أعود بعد أنْ شتم عِرْضِي وضرب ظهري. وهكذا ثبتت براءة أبي هريرة مِمَّا تجنَّاهُ عليه الكاتب.

...

[٥ - على عهد عثمان: [ص ١٦ - ١٧]:]

لقد رأينا موقف أبي هريرة يوم الدار، وكيف حث الناس على الدفاع عن أمير المؤمنين، إلاَّ أنَّ عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - منعهم من القتال


(١) " طبقات ابن سعد ": ص ٧٨، قسم ٢، جـ ٤.
(٢) " العقد الفريد ": ١/ ٣٤ - ٣٥ و ٦٠.

<<  <   >  >>