للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلميذه معمر بن راشد، ثم عبد الرزاق عن معمر ثم هَلُمَّ جَرًّا (١).

...

كثرة حديثه وسِعَةِ علمه:

كان أبو هريرة من أوعية العلم , ومن كبار أئمة الصحابة في الحديث، مع الجلالة والعبادة، والتواضع والورع، ولم يكن أحد أكثر منه حديثاً من أصحاب رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلاَّ عبد الله بن عمرو بن العاص، كما قال أبو هريرة نفسه: «مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ الله بن عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلاَ أَكْتُبُ» (١). إلاَّ أنَّ ظروف عبد الله بن عمرو وتنقُّلهُ مع أبيه بين الحجاز ومصر والشام، وعدم استقراره، وانشغاله في العبادة عن التحديث عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، جعل ما رُوِيَ عنه أقل مِمَّا رُوِيَ عن أبي هريرة بكثير (٣).

وقد استكثر بعض الصحابة حديث أبي هريرة عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حين كانت سياسة الصحابة الإقلال من حديث رسول الله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - كيلا ينصرف الناس عن القرآن، وخوفاً من الخطأ والكذب على رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وروى عن عمر أنه أمره بالإقلال من الرواية عن رسول الله، إلاَّ أنه عاد فسمح له حين عرف علمه ومكانته وورعه (٤).

وكان أبو هريرة يُبَيِّنُ أسباب كثرة حديثه فيقول:

«إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللهُ الْمُوعِدُ، وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ لَا يُحَدِّثُونَ عَنْ

رَسُولِ اللهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ؟ وَإِنَّ أَصْحَابِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَتْ تَشْغَلُهُمْ


(١) انظر " صحيفة همام بن منبه ": ص ٢٠.
(٢) " فتح الباري ": ص ٢١٧، جـ ١. و " مسند الإمام أحمد ": ص ١١٩، جـ ١٣ رقم ٧٣٨٣، رواه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن عمرو كثير: انظر رقم: ٦٥١٠، ٦٨٠٢، ٦٩٣٠، ٧٠١٨.
(٣ و ٤) سأتعرَّضُ لهذا بالتفصيل في الباب الثاني من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>