الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه، الذين اتبعوه، فوفقوا أعظم التوفيق في حفظ الرسالة، وأداء الأمانة، ونشر الدعوة، التي خلصت العرب من قيود الوثنية، ومدَّتهم بقوة الإيمان، وحمَّلتهم مسؤولية هداية العالم، فما أنْ فتح العرب الأوائل عيونهم على نور الإسلام، وفهموا القرآن، وأبصروا طريق الحق بعد الضلال، وسعدوا بالمعرفة بعد الجهل - حتى انطلقوا يحملون لواء الحرية، ومشعل النور والعرفان، يضيئون للإنسانية سبيلا، ويوجِّهُون نحو المجد والعزة ركبها، وينقلون العالم إلى السعادة والخير، فكانوا بحق خير أمَّة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله.
وبعد .. فإنه لم يرق لأعداء الإسلام أنْ يروا هذا الدين، قد صلب عوده، واستوى ساقه، وأثمرت أزهاره، وأينعت ثماره، مما حال بينهم وبين استغلال المسلمين، واستنزاف خيرات بلادهم، وقضى على مصالحهم الاستغلالية، ولم تعد تجدهم وسائل القوة لتحقيق مآربهم والوصول إلى غايتهم، فرأوا أنْ تدسُّوا السم في عقائد المسلمين، ليسلخوهم عنه، فعملوا على تغيير وجه الإسلام وتشويهه بمختلف طرق الدعاية الجذابة، وافتنُّوا في وسائل التبشير المغرية، فشكَّكوا بعض ضعاف القلوب - ممن يحسبون على الإسلام - في تعاليمه وأحكامه، وكان من الصعب عليهم أنْ يعبثوا بالقرآن الكريم الأصل التشريعي الأول، عليهم فحاولوا أنْ يطرقوا باب السُنَّة، فاتهموا كبار نقلتها، وأئمة حُفاظها، لإضعاف جانب عظيم من الحديث النبوي، قاصدين من وراء هذا تشكيك المسلمين