للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حول السُنَّة:

السُنَّة في اللغة هي السيرة حسنة كانت أو قبيحة، وكل من ابتدأ أمراً به قوم بعده هو الذي سَنَّهُ ...

قال خالد بن عتبة الهذلي:

فََلاَ تَجْزَعَنْ مِنْ سيرةٍ أَنتَ سِرْتَهَا ... فَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَا (١).

وفي الحديث عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُِ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» (٢).

وإذا أطلقت السُنَّة في الشرع فإنما يراد بها ما أمر به رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونهى عنه، وندب إليه قولاً وفعلاً، ولهذا يُقال في أدلة الشرع الكتاب والسُنَّة، أي القرآن والحديث، ويطلق علماء الحديث لفظ السُنَّة على كل ما يتَّصل بالرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من سيرة، وخُلُقٍ، وشمائل، وأخبار، وأقوال، وأفعال، سواء أثبت ذلك حكماً شرعياً أم لا.

وأما علماء أصول الفقه فإنهم يطلقون لفظ السُنَّة على أقوال الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأفعاله، وتقريراته التي تثبت حُكماً شرعياً.

وأما علماء الفقه فقد بحثوا عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الذي تدلُّ أفعاله على حكم شرعي، وهم يبحثون عن حكم الشرع في أفعال العباد وُجُوباً، أو حرمة، أو إباحة، أو غير ذلك. فالسُنَّة عندهم كل ما ثبت عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يكن من باب الفرض ولا الواجب.


(١) انظر " لسان العرب "، مادة (سنن).
(٢) أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه "، ص ٧٠٥، وص ٢٠٥٩، جـ ٤.

<<  <   >  >>