للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك أيضاً ما رواه الإمام مالك، أنه بلغه عن المُقبري، أنه قال: سئل أبو هريرة عن الرجل تكون عليه رقبة، هل يعتق فيها ابن الزنا، فقال أبو هريرة: نعم ذلك يجزي عنه (١).

وسبق أنْ ذكرنا بعض نماذج من فتاواه، عندما تكلمنا عن تمسُّكه بالسُنَّة، وعن مجالسه.

وإنَّ المقام يضيق بنا عن حصر فتاواه - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، ولن نُفرِّط في القول فنّدَّعِي أنه كان من المكثرين في الفتيا، بل كان من المتوسطين في ذلك، كما ذكره الإمام محمد بن حزم، قال: «وَالْمُتَوَسِّطُونَ مِنْهُمْ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمْ مِنْ الْفُتْيَا: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، ... فَهَؤُلاَءِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ مِنْ فُتْيَا كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ صَغِيرٌ جِدًّا» (٢).

وقد جمع شيخ الإسلام تقي الدين السُبكي جزءًا سمَّاهُ " فتاوى أبي هريرة " (٣).

...

[أبو هريرة والقضاء:]

لم ينقل أنَّ أحداً من الخلفاء أو الأمراء وَلَّى أبا هريرة قضاء المدينة


= أحمد. وإنْ لم يختر أقرع بينهما. والثانية أنَّ الأب أحق به، والثالثة أنَّ الأب أحق بالذكر، والأم بالأنثى إلى تسع سنين ثم يكون الأب أحق بها.
وحكى عن الحنفية والهادوية ومالك أنه لا يُخَيَّرُ، بل متى استغنى بنفسه، فالأب أولى بالذكر والأم بالأنثى، وعن مالك: الأنثى للأم حتى تزوَّج وتدخل، الأب له الذكر حتى يستغني، وحاول النافون للتخيير الاستدلال بحديث: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَنْكَحِي» وأجيب عنها بكونها أحق به فيما قبل سن التمييز وذلك بقرينة أحاديث الباب. قال الشوكاني: «وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي قَبْلَ التَّخْيِيرِ وَالاسْتِهَامِ مُلاَحَظَةُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلصَّبِيِّ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الأَبَوَيْنِ أَصْلَحَ لِلصَّبِيِّ مِنْ الآخَرِ قُدِّمَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَلاَ تَخْيِيرٍ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ» .. " نيل الأوطار ": ص ٣٥٠ - ٣٥١، جـ ٦. وواضح أنَّ التخيير لا يكون إلاَّ بعد تمييز الصبي، وعندما يستوي الأبوان في الصلاح والرعاية وحُسن التوجيه، وإذا ثبت للقاضي سوء تصرُّف أو توجيه أحدهما توجيهاً شاذاً قضى به لمن يحسن رعايته وتأديبه.

(١) " موطأ الإمام مالك ": ص ٧٧٧، جـ ٢.
(٢) " إعلام الموقعين ": ص ١٢، جـ ١. و " الإحكام في أصول الأحكام " لابن حزم: ص ٦٦٦.
(٣) " الأعلام ": ص ٨١، جـ ٤ حيث ذكر السُبكي ومؤلفاته.

<<  <   >  >>