للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أبو هريرة وفتنة عثمان:]

كان أبو هريرة يوم حصار عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عنده في الدار مع بعض الصحابة وأبنائهم الذين جاءوا ليدفعوا الثوار عن عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وكان عِدَّةُ من في الدار من المهاجرين والأنصار قريباً من سبعمائة رجل، فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسن والحسين ومروان، وأبو هريرة وخلق من مواليه، ولو تركهم عثمان لمنعوه. إلاَّ أنه كان مسالماً فقال لهم: «أُقْسِمَ عَلَى مَنْ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ أَنْ يَكُفَّ يَدَهُ، وَأَنْ يَنْطَلِقَ إِلَى مَنْزِلِهِ» ... وَقَالَ لِرَقِيقِهِ: «مَنْ أَغْمَدَ سَيْفَهُ فَهُوَ حُرٌّ. فَبَرُدَ الْقِتَالُ مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ، وَحَمِيَ مِنْ خَارِجٍ» (١)، وكان فيما قاله عثمان لمن عنده في الدار: «فَأُحَرِّجُ عَلَى رَجُلٍ أَنْ يَسْتَقْتِلَ أَوْ يُقَاتِلَ» ... فتقدَّموا فقاتلوا ولم يسمعوا قوله فبرز الغيرة بن الأخنس و ... و ... وأقبل أبو هريرة والناس محجمون فقال: هذا يوم طاب فيه الضرب، ونادى: يا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار (٢).

وكان أبو هريرة إذن يدافع عن أمير المؤمنين في أشدِّ ساعات الفتنة، بل بقي عنده حتى الرمق الأخير ... وقد أجمعت كل الروايات على وجود أبي هريرة بين الذين دافعوا عن عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ومعه أعيان الصحابة وبعض أولادهم إلاَّ أنَّ عثمان أبى أنْ يقاتلوا حتى أنه لما مات أبو هريرة كان ولد عثمان يحملون سريره حتى بلغوا البقيع حفظاً بما كان من رأيه في عثمان (٣)، كما أمر معاوية واليه على المدينة بأنْ يحسن جوار ورثة أبي هريرة لأنه كان مِمَّنْ ينصر عثمان وكان معه في الدار (٤).

...


(١) " البداية والنهاية ": ص ١٨١ جـ ٧. و " شذرات الذهب ": ص ٤٠، جـ ١. و " الإصابة ": ص ٢٢٣، جـ ٤.
(٢) " الكامل في التاريخ ": ص ٨٨، جـ ٣. وفي " تاريخ الطبري ": ص ٣٨٩، جـ ٣. «و شمر أناس من الناس فاستقتلوا منهم سعد بن مالك وأبو هريرة .. فبعث إليهم عثمان بعزمه لما انصرفوا فانصرفوا».
(٣) " طبقات ابن سعد ": ٤: ٢/ ٦٣. و " تهذيب التهذيب ": ص ٢٦٦، جـ ١٢.
(٤) " تاريخ الإسلام ": ص ٣٣٩، جـ ١.

<<  <   >  >>