للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيام فتح خيبر، فأكرمه الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأسهم له كما في إحدى الروايات، وأشار أبو هريرة حينذاك على رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ لا يقسم لأبان بن سعيد بن العاص، لأنه قاتل ابن قوقل (١). وابن قوقل هو النعمان صحابي استشهد يوم أُحُدْ. فهذا دليل على أنَّ أبا هريرة كان قد أسلم قبل خيبر وكان يتتبَّعُ أخبار المسلمين قبل هجرته إلى المدينة، وأنه من ذوي الرأي يتقدَّمُون به غلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولو سلَّمنا جدلاً بأنه أسلم يوم خيبر، أنعيبُ عليه إسلامه هذا؟ ألم يُسْلِمْ بعد خيبر خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن أبي طلحة وغيرهم؟.

وأما صُحبته ثلاث سنوات كما قال أبو هريرة نفسه، فهذا من باب التقريب لا من باب الحصر، فأبو هريرة لم يعلم أنه سيأتي في آخر الزمان من يُحْصِي عليه أيام صُحْبَتِهِ، ويتتبَّعَ مَنَاقِصَهُ ويزدريه لفقره، ويرى في هذا لوناً من الهوان والذُلِّ. وإذا عرفنا أنَّ غزوة خيبر كانت في (مُحَرَّمْ) من السَنَةِ السابعة، أيْ في أول تلك السَنَةِ واستمرَّت الغزوة نحو ثلاثين يوماً، وأنَّ أبا هريرة قدم المدينة على أشهر الروايات أيام فتح خيبر، ورأى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عقبها أي في العشر الأول في صفر، وأنَّ وفاة رسول الله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - كانت يوم الاثنين (١٣ ربيع أول سنة ١١ للهجرة الموافق ٨ يونيو سنة ٦٣٣ م) (٢) - إذا عرفنا ذلك - تَبَيَّنَ أنَّ أبا هريرة قد تشرَّف بصُحبة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربع سنوات وثلاثة وثلاثين يوماً. وإذا أراد أبو هريرة من تصرحه بالسنوات الثلاث الحصر، يكون قد رفع من صُحبته وملازمته للرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما قضاه في البحرين مع العلاء بن الحضرمي سَنَةَ ثمانٍ للهجرة.

...


(١) " فتح الباري ": ٦/ ٢٨١ و " البخاري بشرح السندي ": ٣/ ٥٥.
(٢) نور اليقين: ص ٢٧٤.

<<  <   >  >>