هذه الروايات ستأخذ الكاتب من بين يديه، وتسدُّ عليه كل منفذ، وتقوِّض كُلَّ حُجَّةٍ يدَّعيها في هذا الموضوع.
ثم يتابع الكاتب عرض بعض الأخبار، ليدعِّم ما ذهب إليه من ولاية أمير المؤمنين عليٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - للحج سَنَةَ براءة، وإنَّ جميع ما استشهد به مطعون في صِحَّتِهِ، والصحيح منه ينصُّ فقط على إرسال أمير المؤمنين عليٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بأول سورة براءة. ثم يستنتج المؤلف بعد هذا ما يأتي فيقول:«ألا تراه كيف حَرَّفَ الحديث عن موضعه، وصرف الفضل فيه عن أهله متقرباً فيما حَرَّفَ الى اولياء الأمور، ومتحبباً فيما صَحَّفَ إلى سواد الجمهور اختلق لهم ما يروقهم من تأمير أبى بكر الصديق. وما أدرك ما فعل!؟ إنه أخرس بذلك ألسنة الثقات الأثبات عن معارضته، وألجم أفواههم أنْ تنبس في بيان الحقيقة ببنت شفة، خوفاً من تألُّب العامة ورعاع الناس. واشفاقاً من نكال أولي الأمر ووبالهم يومئذ؟ وما أدراك ما يومئذ؟!»(١).
إنه يَتَّهِمُ أبا هريرة بتحريف الحديث عن موضعه، لأنه لم يختلق حديثاً يتمشَّى مع هوى المؤلف، ويوافق ميوله وما يصبو إليه، ويدَّعِي أنه انتقص الإمام، وصرف عنه ذلك الفضل الذي ادَّعَاهُ في رواية الطبرسي؛ كل هذا فعله أبو هريرة ليتقرَّب إلى الأمويِّين؟! وليتقرَّب إلى سواد الجمهور بما يروقهم؛ عَجَبٌ من المؤلف كيف يَدَّعِي هذا!!؟ ولِمَ يُرْضِ أبو هريرة الجمهور، ويكذب على رسول الله من أجل ذلك؟ أيخشى أبو هريرة الجمهور ولا يخشى الله ورسوله؟ هذا افتراء على أبي هريرة، وافتراء على الحق، واستخفاف بجمهور المسلمين، وَزَعُمٌ واضح منه أنهم على غير صواب فيما يعتقدون، وعلى غير هُدَى فيما يعترفون، إنه يتَّهم الجمهور في هذا ويجعلهم مِمَّنْ يمالئون السلطة .. وينساقون كما يريد .. ويتحامل على أولي الأمر فيُصَوِّرُهُمْ بالمُستبدِّين الغاشمين الطاغين. عَجَبٌ من المؤلف