للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَا أُمَّتَاهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَتَقُولُ: وَعَلَيْكَ يَا بُني وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَيَقُولُ: رَحِمَكِ اللَّهُ كَمَا رَبَّيْتِنِي صَغِيرًا. فَتَقُولُ: رَحِمَكَ اللَّهُ كَمَا بَرَرْتَنِي كَبِيرًا، ثُمَّ إِذَا أراد أن يدخل صنع مثله (١).

قال محمد بن سيرين: كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْلَةً، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلأُمِّي، وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُمَا» قَالَ مُحَمَّدٌ: «فَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُ لَهُمَا؛ حَتَّى نَدْخُلَ فِي دَعْوَةِ أَبِي هريرة» (٢).

لقد امتثل لحديث رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين سأله رجل فقال: مَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «بَرَّ أُمَّكَ»، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: «بَرَّ أُمَّكَ»، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: «بَرَّ أُمَّكَ»، ثُمَّ عَادَ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: «بَرَّ أُمَّكَ» ثُمَّ عَادَ الخَامِسَةَ فَقَالَ: «بَرَّ أَبَاكَ» (٣). ولازم أبو هريرة أمَّهُ ولم يَحُجَّ حتى ماتت لصُحبتها (٤).

وكان يدعو الناس إلى الخير ويحملهم على حُسن الأخلاق، من ذلك ما رواه البخاري عنه أَنَّهُ أَبْصَرَ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ لأَحَدِهِمَا: «مَا هَذَا مِنْكَ؟» فَقَالَ: أَبِي، فَقَالَ: «لا تُسَمِّهِ بِاسْمِهِ، وَلاَ تَمْشِ أَمَامَهُ، وَلاَ تَجْلِسْ قَبْلَهُ

» (٥).

وكان يقول: «مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ حَائِطٌ، ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ» (٦)، كما قال: «أَبْخَلُ النَّاسِ الَّذِي يَبْخَلُ بِالسَّلامِ، وَإِنَّ أَعْجَزَ النَّاسِ وَإِنَّ أَعْجَزَ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ بِالدُّعَاءِ» (٧).

وكان يدعو إلى صلة القربى، وينهى عن قطع الرحم من هذا ما رواه البخاري عن أبي أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ - مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - قَالَ جَاءَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَشِيَّةَ الْخَمِيسِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «أُحَرِِّجُ عَلَى كُلِّ قاطِع رحِم لمَا قَامَ من


(١) " الأدب المفرد ": ص ١٨.
(٢) المرجع السابق: ص ٢٨ رقم ٣٧.
(٣) " الأدب المفرد ": ص ١٦.
(٤) ابن عساكر: ص ٥١٦ و ٥١٧، جـ ٤٧.
(٥) " الأدب المفرد ": ص ٣٠.
(٦) " الأدب المفرد ": ص ٣٤٩.
(٧) " الأدب المفرد ": ص ٣٥٩.

<<  <   >  >>