وما كان هذا شأنه - لا سيما أنه لِعَلَم كالشاطبي - فهو حقيق على أن يُفرَد بمؤلَّف.
الثاني: أن ما سطره الشاطبي في هذا الموضوع يزيد على الكتب المصنَّفة فيه السابقة الذكر من ثلاث جهات:
١ - عدد المباحث والمسائل؛ فقد زاد الشاطبي فيها عما سطره غيره، يُدرَك ذلك بأدنى اطلاع عما في هذه الكتب وما في كتابنا هنا.
٢ - التفصيل والبسط في بعض المباحث والمسائل التي اشترك في تناوُلها مع أصحاب هذه الكتب.
٣ - نُزُوعه إلى ذكر الأصول والكليات الحاكمة لما يذكره، والتعليل لما يُقرِّره، والإجابة عما يُورَد عليه، وهذا شأنُه في سائر مصنَّفاته (١).
الثالث: هو أن ما أودعه الشاطبي في كتبه الكبار: "الموافقات"، و "الاعتصام"، و"المقاصد الشافية" من صُلب فكره ومشروعه الإصلاحي الذي رآه - قد أقامه على ضرورة الرجوع إلى ما كان عليه السلف وأهل العلم الأوائل من جهة:
- الإحاطة بمقاصد الشريعة.
- التحقُّق بلسان الشريعة ولغتها، وهو اللسان العربي الذي نزل به القرآن.
فأما كلامه في مقاصد الشريعة فقد أفرده كثيرون بالتصنيف والدرس والشرح والتحليل والاستدراك، أما كلامه في الجهة الثانية، وهو الكلام عن اللسان العربي على الوجه الذي يُبيِّن منزلة العربية من الشريعة، فلم أرَ مَن أفرده بالتصنيف على الوجه الذي فعلتُ في هذا العمل؛ ففيما قمتُ به فيه يُعَدُّ من باب إلقاء
(١) راجع: الإمام الشاطبي والخصائص العامة لفكرة (١)، ص ٢٣٥ - ٢٤٩.