للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المبنيَّات التي يشهد لها هو وغيرُه أنها لا اشتقاق لها، ولا تصريف فيها (١).

ولو صرف عِلمه فيما هو آكَد من ذلك لَكان أولى به" (٢).

"والقسم الثالث:

وهو ما ليس من الصُّلب، ولا من المُلَح، ما لم يرجع إلى أصل قطعي ولا ظني، وإنما شأنه أن يكُرَّ على أصله أو على غيرِه بالإبطال مما صحَّ كونُه من العلوم المعتبَرة، والقواعد المرجوع إليها في الأعمال والاعتقادات، أو كان مُنهضًا إلى إبطال الحقِّ وإحقاق الباطل على الجملة؛ فهذا ليس بعِلم؛ لأنه يرجِع على أصله بالإبطال، فهو غير ثابت، ولا حاكِم، ولا مطَّرد أيضًا، ولا هو من مُلَحه؛ لأن المُلَح هي التي تستحسِنها العقول، وتستملِحها النفوس؛ إذ ليس يصحَبها مُنفِّر، ولا هي مما تُعادي العلوم؛ لأنها ذات أصل مبنيٍّ عليه في الجملة، بخلاف هذا القسم؛ فإنه ليس فيه شيء من ذلك.

هذا وإن مال بقوم فاستحسنوه وطلبوه؛ فلِشُبه عارضة، واشتباه بينه وبين ما قَبله، فربما عدَّه الأغبياء مبنيًّا على أصل، فمالوا إليه من ذلك الوجه، وحقيقةُ أصله وهمٌ وتخييل لا حقيقةَ له، مع ما ينضاف إلى ذلك من الأغراض والأهواء، كالإغراب باستجلاب غير المعهود، والجعجعة بإدراك ما لم يُدرِكه الراسخون، والتبجح بأن وراء هذه المشهورات مطالبَ لا يُدرِكها إلا الخواص، وأنهم من الخواص، وأشباه ذلك مما لا يحصُل منه مطلوبٌ، ولا يحُور (٣) منه صاحبُه إلا بالافتضاح عند الامتحان …


(١) راجع: سر صناعة الإعراب ٢/ ٦٥٥ - ٦٦٤.
(٢) روضة الإعلام ٢/ ٥٧٧، ٥٧٨.
(٣) معناه: يعود.

<<  <   >  >>