للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأُجيب عن الأول: أن الزيادة على خلاف الأصل، فلا يقال بها ما وُجِد عنها مندوحة، وقد وجدناها؛ بأن تكون للتبعيض.

وعن الثاني: بأن قول ابن جني شهادةٌ على النفي، وقولَ مَن أثبت التبعيض شهادةٌ على الإثبات، وشهادةُ الإثبات مقدَّمة حسب ما تقرَّر في عِلمه.

وعن الثالث: أن كونها للإلصاق لا ينافي كونها للتبعيض؛ لأن معنى الإلصاق هو الأصل فيها، ثم يدخل عليه ما سواه من المعاني حسب ما بيَّنه الحُذَّاق.

وأيضًا إذا ثبت التبعيض بها في المُثْل المتقدِّمة، لم يصِحَّ نفيُه عن الآية.

وقد ردَّ بوجه رابع حكاه عِيَاض في "ترتيب المدارك"، عن محمد بن عبد الحَكَم قال: قلتُ للشافعي: لأيِّ شيء أخذتم أنه إذا مسح الإنسان بعض رأسه وترك بعضَه أنه يجزئه؟

قال: من سبب الباء الزائدة؛ قال الله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ [المائدة: ٦]، ولم يقُل: رءوسكم.

قال: قلتُ: فأيُّ شيء ترى في التيمُّم إذا مسح الإنسان بعضَ وجهه وترك بعضًا؟ قال: لا يجزئه.

قلتُ: لِمَ؟ وقد قال الله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٦]. قال: فسكتَ (١). انتهى.

وهذا إلزامٌ للشافعي حَسَنٌ غير أن الرازي قد اعتذر عنه بأنه الأصل أيضًا في آية التيمُّم؛ التبعيضُ، فكان الواجب القول به لولا معارضة ما دلَّ على وجوب


(١) ترتيب المدارك ٤/ ١٦١، ١٦٢.

<<  <   >  >>