للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنهم من أهل الاجتهاد والاستنباط، وليسوا كذلك، كما حُكي عن بعضهم أنه سئل عن قول الله تعالى: ﴿رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾ [آل عمران: ١١٧]، فقال: هو هذا الصُّرصُر؛ يعني صَرَّار الليل (١).

وعن النَّظَّام أنه كان يقول: إذا إلى المرء بغير اسم الله لم يكن مُولِيًا. قال: لأن الإيلاء مشتقٌّ من اسم الله.

وقال بعضُهم في قول الله تعالى: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ [طه: ١٢١]: إنه أُتخِم من أكل الشجرة؛ يذهبون إلى قول العرب: "غوِي الفصيل": إذا أكثرَ من اللبن حتى بَشِم، ولا يقال فيه غوَى. وإنما "غوَى" من الغَيِّ.

وفي قوله سبحانه: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ﴾ [الأعراف: ١٧٩]، أي: ألقينا فيها. كأنه عندهم من قول العرب: "ذَرَتْه الرِّيحُ"، وذلك لا يجوز؛ لأن "ذرأنا" مهموز، و"ذرته" غير مهموز، وكذلك لا يكون من: "أَذْرَته الدَّابَّة عن ظهرها"؛ لعدم الهمز، ولكنه رباعي، و"ذرأنا" ثلاثي

وحكى ابن قُتَيبَة (٢) عن بِشر المَرِيسِي: أنه كان يقول لجُلسائه: قضى اللهُ لكم الحوائج على أحسن الوجوه وأهيؤها. فسمع قاسم التَّمَّار قومًا يضحكون، فقال: هذا كما قال الشاعر (٣): [المنسرح]

إِنَّ سُلَيْمَى واللهُ يكلؤها … ضنَّتْ بشيءٍ ما كان يُرْزَؤها

وبِشْر المَرِيسِي رأس في الرأي، وقاسم التَّمَّار رأس في أصحاب الكلام.


(١) طويئر يُشبه الجراد قفَّاز. راجع: تاج العروس ١٢/ ٣١٢، ٧/ ٤٧٩.
(٢) في: عيون الأخبار ٢/ ١٧٣؛ تأويل مختلف الحديث، ص ١٣٤.
(٣) البيت لابن هرمة في: شعر إبراهيم بن هرمة القرشي، ص ٥٥.

<<  <   >  >>