للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما ابن مالك فله "مذهب ثالث، وهو الفرق بين الجمع والمفرد، فيهمِز في الجمع دون المفرد …

وليس إحداث قول ثالث في المسألة بخرق إجماع عند طائفة من الأصوليين، لاسيما إن كان القول المحدَث لا يرفَع ما اتَّفَقوا عليه، كهذا الموضع؛ فإنه مفصِّل في القولَين، فيُوافِق الأخفش في نفي الحُكم عن المفرَد (١)، ويُوافِق سيبويه في إثباته في الجمع مطلَقًا (٢)، فكلُّ قول لا يرفَع ما اتَّفَقوا عليه، فقد أجاز إحداثه طائفة ممن منَع الإحداث، وهو الذي اختاره ابن الحاجب (٣) " (٤).

٢ - إحداث تأويل غير الذي أجمعوا عليه:

ومثاله: خَرْق الإجماع المنعقد على أن "عندك، ووراءك" معرَبتان؛ "فإن سلَّمناه، فليست المخالَفة في حكم من الأحكام المتقرِّرة التي يلزم عنها المخالَفة في قياس أو سماع؛ لأن "عندك، ووراءك" ونحوهما، مع القول بالإعراب والبناء على حدٍّ سواء، فإنما حقيقة الخِلاف في تأويل لا في حُكم؛ إذ كانت هذه الأشياء لازمةً للإضافة لا يجوز إفرادُها، فلم يظهر فيها فرقٌ بين الإعراب والبناء … ، وقد نصَّ الأصوليون في مسألة إحداث دليل أو تأويل مخالِف لِمَا أجمعوا عليه مع الموافقة في محصول الحُكم - على الخلاف، ورجَّح المحقِّقون منهم الجواز؛ إذ لا مخالَفة في الحُكم، وهذه المسألة مذكورة في الأصول" (٥).


(١) راجع: المنصف ٢/ ٤٥.
(٢) راجع: الكتاب ٤/ ٣٧٠.
(٣) راجع: رفع الحاجب عن ابن الحاجب ٢/ ٢٢٩.
(٤) المقاصد الشافية ٩/ ٤٦.
(٥) السابق ٥/ ٥٢٦.

<<  <   >  >>