للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن أهل الأصول يقولون: إن اسم الفاعل إذا كان للحال حقيقةٌ اتفاقًا، وإذا كان للاستقبال مجازٌ اتفاقًا، وإذا كان للماضي ففيه خلافٌ؛ هل هو حقيقة أو مجاز؟

قال: وبعض الناس يستشكِل كلَّ هذا جدًّا مع قول النحويين: إن اسم الفاعل معناه جارٍ مجرى الفعل؛ فإن كان للماضي فهو كالماضي، وإن كان للمستقبل فهو كالمستقبل، وإن كان للحال فهو كفعل الحال، ولا خلاف أن الأفعال دلالتُها على معانيها حقيقة لا مجازًا، فإذا تقرَّر هذا فكيف اتفق على ضدِّ ما اتفق عليه النحويون؟!

قال الأستاذ: فالظاهر في المسألة والحقُّ الرجوعُ إلى أهل اللسان" (١).

ومن أمثلة مخالَفة الأصوليين النحاة "أن الواو معناها في العطف الجمعُ المطلَق من غير ترتيب ولامعِيَّة، فإذا قلت: "قام زيدٌ وعمرو "احتمل أن يكون عمرو لاحقًا لزيد، أي: قائمًا بعدَه. ولذلك يحسُن أن يقال: قام زيدٌ وعمرو بعدَه. واحتمل أن يكون سابقًا لزيد في القيام، ولذلك يصحُّ أن يقال: قام زيدٌ وعمرو قبلَه. واحتمل أن يكون مصاحبًا له في القيام وموافقًا له في زمانه، فيكون قيامها معًا، ولذلك يصلح أن يقال: قام زيدٌ وعمرو معه.

قالوا: وليس فيها دلالة على شيء من ذلك، وهو نصُّ سيبويه (٢) ورأي البصريين والكوفيين؛ حكى السِّيرافي الاتفاق من الطائفتين على ذلك (٣).

وبعضُهم يحكي عن الفَرَّاء المخالَفة في هذا، وليس بصحيح؛ إذ قد نصَّ في "معاني القرآن" له على ما نصَّ عليه غيُره من عدم التزام الترتيب، لكن الأصوليين


(١) الإفادات والإنشادات، ص ١٦٦.
(٢) راجع: الكتاب ٤/ ٢١٦.
(٣) راجع: شرح كتاب سيبويه، له، (ق ١٣٢ و).

<<  <   >  >>