للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحكُون الخلاف في المسألة، فلعلَّه ناشئٌ من جهتهم" (١).

• إجماع الأصوليين على مسألة من مسائل العربية لا ينعقد مع مخالَفة أهل العربية الأوائل لمقتضاه:

ومثاله: أن "التخصيص إما بالمنفصل أو بالمتصل؛

فإن كان بالمتصل كالاستثناء، والصفة، والغاية، وبدل البعض، وأشباه ذلك؛ فليس في الحقيقة بإخراج لشيء، بل هو بيان لقصد المتكلِّم في عموم اللفظ؛ أن لا يتوهَّم السامع منه غير ما قصَد وهو ينظُر إلى قول سيبويه: زيد الأحمر. عند مَن لا يعرفه كـ "زيد" وحدَه عند مَن يعرِفه وبيان ذلك أن زيدًا الأحمر هو الاسم المُعرَّف به مدلول "زيد" بالنسبة إلى قصد المتكلِّم، كما كان الموصول مع صلته هو الاسم لا أحدهما، وهكذا إذا قلتَ: الرَّجُل الخياط. فعرَفه السامعُ؛ فهو مرادف لـ "زيد"؛ فإذًا المجموع هو الدَّال، ويظهر ذلك في الاستثناء إذا قلتَ: عشرة إلا ثلاثة. فإنه مرادِفٌ لقولك: سبعة، فكأنه وضعٌ آخر عرَض حالةَ التركيب.

وإذا كان كذلك، فلا تخصيص في محصول الحُكم لا لفظًا ولا قصدًا، ولا يصحُّ أن يقال: إنه مجاز أيضًا؛ لحصول الفرق عند أهل العربية بين قولك: ما رأيتُ. أسدًا يفترس الأبطال. وقولك: ما رأيتُ رَجُلًا شجاعًا. وأن الأول مجازٌ، والثاني حقيقةٌ، والرجوع في هذا إليهم، لا إلى ما يُصوِّره العقل في مناحي الكلام.

وأما التخصيص بالمنفصل؛ فإنه كذلك أيضًا راجعٌ إلى بيان المقصود في عموم الصِّيَغ … ، لا أنه على حقيقة التخصيص الذي يذكره الأصوليون.

فإن قيل: وهكذا يقول الأصوليون: إن التخصيص بيان المقصود بالصِّيَغ


(١) المقاصد الشافية ٥/ ٧٠.

<<  <   >  >>