للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ارتضاه، فالذي تقدَّم بيانه مستنبَط من اعتبارهم الصِّيَغ في الاستعمال؛ فلا خلاف (١) بيننا وبينهم، إلا ما يفهَم عنهم مَن لا يُحيط عِلمًا بمقاصدهم، ولا يُجوِّد محصولَ كلامهم، وبالله التوفيق" (٢).

قلتُ: يحتاج كلام الشاطبي في هذه المقالة إلى التنبيه على موضعَين فيه:

الأول: وهو أنه أعاد النظر فيما قرَّره من كون إجماع النحاة حُجة؛ فقد نقل ابن الأزرق الأندلسي في "روضة الإعلام" (٣) إنكار الشاطبي - السابق ذكره - على ابن جني فيما ذهب إليه من جواز خرق إجماع النحويين، ثم قال: "ومع هذا النَّكير عليه من أجل تجويزه لمخالَفة إجماع النحاة، فيظهَر من الأستاذ أبي إسحاق أن رأيه لم يستقِرَّ على إجماع الصنائع والعلوم حُجة؛ وذلك لأنه بعد أن وضَع في مسائل "الموافقات" أن إجماعهم إجماع صحيح - أسقط ذلك، وكتب بإزائه: سقطت هذه، بل فيها نظر. حسبما رأيته منقولا لشيخنا العلامة أبي إسحاق بن فُتُوح (٤) ، ومن خَطِّه كتَبتُ، فالله أعلمُ بما تلخَّص عند الأستاذ أبي إسحاق في هذا الأصل" (٥).


(١) في النشرة المعتمدة: "بلا خلاف"، والمثبت من نشرة (أيت)، ٤/ ٥٦٩.
(٢) الموافقات ٤/ ٤٣ - ٤٥.
(٣) ٢/ ٧٢٤.
(٤) إبراهيم بن أحمد بن العقيلي المغربي الغرناطي، يعرف بابن فُتُوح، مفتي غرناطة، عالم بالفقه والأصلين والنحو، ويُكثر ابن الأزرق من النقل عنه في "روضة الإعلام"، ويُعظِّمه وينسبه إلى التحقيق والرسوخ، وكان ابن فُتُوح يملك أشياء بخط الشاطبي من مصنَّفاته وفتاويه وفوائده. تُوفي سنة ٨٦٧ هـ. راجع: الضوء اللامع ١/ ٣٠، ٩/ ٢١؛ توشيح الديباج، ص ٢٧.
(٥) روضة الإعلام ٢/ ٧٢٤.

<<  <   >  >>