للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يظهر أن الشاطبي لم يرجع عن قوله بأن إجماع النحويين حُجة، وإنما فقط قيَّد ذلك بحالة كان له تعلُّق بالدِّين حسبما بيَّنته في "أصول العربية" (١).

الموضع الثاني: وهو بيان وجه عدم انعقاد إجماع الأصوليين على مسألة من مسائل العربية دون أهل العربية الأوائل، وهذا البيان يظهر من خلال معرفة معنى قول أبي إسحاق: "إن إجماعهم غير ثابت على شرطه"، ومعنى قول الشاطبي هذا "هو أن شرط الإجماع اتفاقُ كلِّ أصحاب النظر والاجتهاد في المسألة المعنية؛ ولما كانت هذه المسألة من مسائل العربية في الجملة، فكان لزامًا أن يُعتبر كلام أهل العربية فيها، ولا ينعقد الإجماع فيها دونهم، وكلام أهل العربية هنا في هذه المسألة هو كلام سيبويه … الذي أورده الشاطبي معتمِدًا عليه في مخالَفة الأصوليين … ؛ لأن سيبويه من الصدر الأول الذين لا ينعقد إجماعٌ في مسائل العربية - التي منزَعها لفظي أو معنوي - دونهم بلا خلاف (٢).

فهذا معنى كون إجماع الأصوليين في هذه المسألة غير ثابت على شرطه، فمسائلُ العربية التي يتكلَّم فيها كلٌّ من الأصوليين والنحاة، لا ينعقد الإجماع في هذه المسائل إلا باتفاق أهل الاجتهاد من الفريقين عليها ومن غيرهم ممن كان له نظر مستقِلٌّ في العربية كأئمة المفسِّرين" (٣).


(١) ص ٣٥٤ - ٣٥٨.
(٢) راجع: المقاصد الشافية ١/ ٤٠.
(٣) التداخل والتمايز المعرفي ٤٦٦، ٤٦٧.

<<  <   >  >>