للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يُسمِّيها "أصولًا لغوية" ثبت ذلك بصيغة المفرَد، قال في الفرق بين "أن" بالفتح و"إن" بكسرها في قول القائل لزوجته: "أنت طالق إن دخلت الدار"؛ فهذه المسألة جارية على أصل لغوي لا بُدَّ من البناء عليه" (١) " (٢).

قلتُ: ليس مراد الشاطبي بـ "أصول العربية" و "الأصول العربية" - كما ذكر الدكتور - أنها القواعد والكليات اللغوية؛ بل يريد عِلم أصول العربية، وسياقُ كلامه يدلُّ على ذلك، ومن طالع "المقاصد الشافية" له قَطَع بهذا، ومما يؤيِّد ذلك من كلامه فيه قوله: "تقرَّر في الأصول أن الأصالة على ثلاثة أقسام: أصالة قياسية فقط، وأصالة استعمالية فقط، وأصالة مطلَقة" (٣).

وينبني على ذلك بالتَّبَع أن الشاطبي لا يريد بالأصل اللغوي أصولَ العربية، بل ظاهر جدًّا أنه يريد به القاعدةَ النحوية الفرعية من التفريق بين "أن" و"إن" من جهة الدلالة عند دخولها على الفعل الماضي في مثل الجملة المذكورة، وإنما أطلق الشاطبي على القاعدة الفرعية هنا أصلًا؛ لأنها مرجوع إليها مُحكَّمة في بناء الحُكم الفقهي.

الموضع الثاني المحتاج إلى التنبيه عليه: وهو أن للشاطبي كلامًا ظاهرُه أن ثمَّة نوعًا من الاجتهاد لا يُحتاج فيه إلى عِلم العربية، وهو تنقيح المناط، وذلك في قوله: "إن نوعًا من الاجتهاد لا يفتقِر إلى شيء من تلك العلوم أن يعرفه، فضلًا أن يكون مجتهدًا فيه، وهو الاجتهاد في تنقيح المناط، وإنما يفتقِر


(١) الموافقات ١/ ١٢٠.
(٢) المصطلح الأصولي عند الشاطبي، ص ٢٧٦.
(٣) المقاصد الشافية ٢/ ٥٤.

<<  <   >  >>