للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الاطلاع على مقاصد الشريعة خاصةً" (١).

وكلامه هذا مخالِف لما تقدَّم من كلامه في شأن العربية ولقوله: "ونصوصُ الشارع مُفهمة لمقاصده، بل هي أول ما يُتلقَّى منه فَهمُ المقاصد الشرعية" (٢).

ولهذا اعترض عليه المعلِّق على كلامه بقوله: "كيف وهو لا يكون إلا في أوصاف تضمَّنها نصُّ الشارع، وهو عربيٌّ يحتاج فهمه إلى الرتبة العربية المشترَطة.

قال فيما تقدَّم: إن التمكُّن من الاستنباط على معارف وعلوم كثيرة، وإنه خادم للأول، وهو فهم مقاصد الشريعة.

فقوله: "وإنما يفتقر إلى الاطلاع على مقاصد الشريعة خاصة دون شيء من تلك العلوم" لا يتأتى مع سابق الكلام؛ لأنه على ما تقدَّم لا بُدَّ له من هذه المعارف كوسيلة إلى فهم مقاصد الشريعة على الأقل، وإن لم يحتج إليها عند التخريج، وإنما يصحُّ ذلك إذا صحَّ أن يأخذ مقاصد الشريعة تقليدًا؛ فتأمَّل" (٣).

قلتُ: "وقد يُعتذَر عن الشاطبي بأنه أراد أن ذلك عند التخريج؛ إذ حملُ كلامه على ظاهره مُعارِض لما قرَّره بنفسه - كما يُقِرُّ بذلك المعترض عليه - من أن هذه العلوم شرطٌ كوسيلة في فهم مقاصد الشريعة لا سيما عِلم العربية، لكن لعله بسبب تداخُل ما يتكلَّم فيه مع علوم أخرى، وتشابُكه معها، ودِقَّته في ذاته، وكثرة تفريع الشاطبي الكلام فيه وتشقيقه - قد تهوَّشت عندَه الفكرة في هذا الموضع، فأثَّرت على عبارته، ويقع للشاطبي مثل هذا في مواضع


(١) الموافقات ٥/ ٥٠.
(٢) السابق، ٣/ ١٢٥.
(٣) من تعليق الشيخ دراز علي: الموافقات ٥/ ٥٠، هامش (٢)، (٣).

<<  <   >  >>