قلتُ: ما نقله ابن الأزرق عن الخَطَّابي وابن مرزوق وابن لُب ظاهرٌ - أو يكاد - في القدح في تعميم الشاطبي بأن أحدًا من العلماء لم يشترِط في الدعاء أن يكون غير ملحون.
لكن لا يؤخذ منه أن ما قرَّروه هو الصواب في المسألة، لا سيما أننا وجدنا جَمعًا من العلماء ينصُّون على ما نصَّ عليه الشاطبي، فهذا ابن الصلاح يقول:"الدعاء الملحون ممن لا يستطيع غير الملحون لا يقدح في الدعاء، ويُعذَر فيه"(١)، وكذا قال غيرُه، وهو الأشبه بمقصد الشارع من التيسير ورفع المشقة عن المكلَّفين؛ لأننا إما أن نُلزِمهم بتعلُّم العربية، وإما أن يتوقَّفوا عن الدعاء إلا إذا لُقِّنوا، وكلاهما صعبٌ ثقيل فيه مشقة ظاهرة، وهذا - كما هو ظاهر - لا يمنع من تنبيه مَن وقع في دعائه لحنٌ يُوقِع في حرام من القول.
ولعلَّ اشتراط الخَطَّابي وابن لُب وابن مرزوق مُتوجِّهٌ إلى مَن يستطيع ذلك، فيكون كلام الشاطبي غير مخالف لهم، وهو الأليق.
أما قوله:"وهذا اعتراف منه بأن الدعاء يُحتاج فيه إلى السلامة من اللحن"، فهذا منه أخذٌ لكلامه على غير وجهه الذي أراد لأمرَين:
الأول: أنه لا يمنع هذا أصلًا، ولهذا ذكره، وإنما يمنع أن يكون ذلك واجبًا، وأن يكون تاركُه غير مقبول الدعاء؛ إذ المحتاج إليه في الشرع أعمُّ من أن يكون واجبًا.
الثاني: أن الأستاذ أبا إسحاق أراد من قوله: "وتعلُّم اللسان العربي لإصلاح الألفاظ في الدعاء هو كسائر ما يحتاج إليه الإنسان من أمر دينه" إلزامَ المخالِف