للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا سيما إذا تعلَّق الأمر بالقرآن؛ إذ "من عادة ابن مالك التعويل على اللفظة الواحدة تأتي في القرآن ظاهرُها جوازُ ما يمنعه النحويون، فيُعوِّل عليها في الجواز ومخالَفة الأئمة، وربما رشَّح ذلك بأبيات مشهورة أو غير مشهورة، ومثل ذلك ليس بإنصاف؛ فإن القرآن الكريم قد يأتي بما لا يقاس مِثله وإن كان فصيحًا وموجَّهًا في القياس لقِلَّته" (١).

هذه طريقة ابن مالك؛ أن "ما قُرئ به لا بُدَّ أن يستنبِط له قياسًا جاريًا في أمثاله، وإن كان قليلًا أجرى القياس فيه على قِلَّته ولم يجعله مسموعًا نادرًا، وقد جعل في "التسهيل" (٢) تحقيق الهمزتين مع الاتصال لغةً، ولم ينقُلها أحدٌ لغةً، وإنما نُقِل من ذلك ألفاظ شاذَّة، نَعَم جاء في القرآن ﴿أَئِمَّةَ﴾ بتحقيق الهمزتين قراءة عن الكوفيين وابن ذَكْوَان (٣)، قال شيخنا القاضي (٤) : جعل ذلك لغةً للقرآن أدبًا مع القرآن أن يجعَل ما نُقِل فيه قراءةً شاذةً أو مخالِفة لكلام العرب" (٥)، هذه "عادة ابن مالك؛ التأدُّبُ مع القرآن، والاعتمادُ على ما جاء فيه فيقيسه وإن لم يُجِز غيرُه ذلك على الإطلاق" (٦)، "وهي قاعدة من قواعده التي استبَدَّ بها دون غيره" (٧).


(١) المقاصد الشافية ٣/ ٤٥٦.
(٢) التسهيل، ص ٣٠٢.
(٣) وهي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وروح. راجع: الإقناع ١/ ٣٧٠؛ النشر ١/ ٣٧٨.
(٤) أبو القاسم الحسني، تقدَّمت ترجمته.
(٥) المقاصد الشافية ٨/ ١١٩، ١٢٠.
(٦) السابق، ٤/ ٤٢٧.
(٧) المقاصد الشافية ١/ ٥٢٢.

<<  <   >  >>