للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فـ "لا يلزَم من عدم القول بالقياس في هذه الأشياء الواقعة في القرآن الكريم أن يكون عَدَمَ مراعاة للفظ القرآن أو إخراجًا له عن الفصاحة أو نحو ذلك، كما يظُنُّ مَن لا تحقيق له! بل هو في أعلى الدرجاتِ في الفصاحة، لكنه لم يكثُر مِثلُه فيقاس عليه. وعلى هذا بنى سيبويه والمحقِّقُون، وهو الصواب، ولكن ابن مالك ربما أهمل هذه القاعدة" (١).

"فإن القياس إنما يُجرى إذا فهمنا من العرب إجراء القياس، وذلك يكون بوجوده مسموعًا كثيرًا جدًّا في النثر والنظم، أو بمجرَّد سماعه من غير وجود معارِض له … ، ولم يعتبِر الكوفيون هذا، وهو حقيقٌ بالاعتبار، فإن القياس لا ينبغي أن يُعمَل جُزافًا وكيف اتَّفَق، بل يُنظَر في كلام العرب بالاستقراء الصحيح والتتبُّع الحَسَن، فما وُجِد مشهورًا عندهم لا يُتحاشى من استعماله في النثر والنَّظْم، ساغ القياس عليه كان له معارِض أو لا، لكن إن كان المعارِض نادرًا اطُّرِح ذلك المعارِض، وأُعمِل القياس فيما اشتهر، وإن كان مشتهِرًا مثِله أُعمِلا معًا.

وما وُجد عندهم غير مشهور بل كان نادرًا؛ فإن كان لمعارِض أشهر تُرِك الأندر للأشهر.

وإن لم يكن له معارِض أصلًا أُعمِل.

وإن كان إنما سُمِع في الشعر؛ إذ لم يقُم دليلٌ على أنه مما اختَصَّ بالشِّعر، فيُحمَل على أنه من مطلَق كلامها، حتى يوجد ما يعارِضه، ويدلُّ على أنه مما اختَصَّ بالشِّعر، قاله الشَّلَوبِين …


(١) المقاصد الشافية ٤/ ١٨٢.

<<  <   >  >>