للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما في الحقيقة ومحصول الحديث (١)، فالعملُ من الرفع والنصب والجرّ والجزم إنما هو المتكلِّم نفسُه لا لشيء غيره".

قال: "وإنما قالوا: لفظيٌّ، ومعنويٌّ لما ظهرت آثارُ فِعل المتكلِّم بمُضَامَّة اللفظ للَّفظ أو باشتمال المعنى على اللفظ، وهذا واضح" (٢).

هذا ما قال … ، ومما يؤنسك بهذا وأنهم جعلوا اللفظ والمعنى كالسبب في اختلاف وجوه الرفع والنصب والجرِّ والجزم ما حكاه ابن جني في "الخصائص" قال: "سألتُ الشجريَّ يومًا فقلتُ له: يا أبا عبد الله: كيف تقول: ضربتُ أخاك؟ فقال: كذلك. قلتُ: أفتقول: ضربتُ أخوك؟ فقال: لا أقول: أخوك أبدًا. قلتُ: فكيف تقول: ضربني أخوك؟ قال: كذلك. فقلت: ألستَ زعمتَ أنك لا تقول: أخوك أبدًا؟ فقال: أَيْشٍ ذا! اختلفت جِهَتا الكلام، فهذا في قوة أن لو قال: صار المفعول فاعلًا أو زال اللفظ الذي يقتضي الرفع، وخلَفه لفظ آخَر يقتضي النصب" (٣).

فهذا الاصطلاح في النحو قد تبيَّن معناه .... ، [و] ابن مَضَاء ممن يُنسَب إلى النحو قد شنَّع على النحويين في هذا المعنى أخذًا بظاهر اللفظ من غير تحقيق مرادهم؛ فنسَبهم إلى التقوُّل على العرب وإلى الكذب في نسبة العمل إلى الألفاظ، بل نسَبهم إلى مذهب الاعتزال والخروج عن السُّنة، وظلمهم - عفا الله عنه - إذ لم يعرف ما قصدوه.


(١) بعده في: المقاصد الشافية: "ما يعمل فيهما". والمثبت هو الموافق لما في الخصائص.
(٢) الخصائص ١/ ١١٠، ١١١.
(٣) السابق، ١/ ٢٥١.

<<  <   >  >>