للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأمَّل قصة عمر بن الخطاب في صُلح الحديبية؛ حيث قال: يا رسول اللَّه! ألسنا على حقٍّ، وهم على باطل؟

قال: "بلي".

قال: أليس قَتْلانا في الجَنَّةَ وقَتْلاهم في النَّار؟

قال: "بلى".

قال:: ففِيمَ نُعطي الدَّنِية في ديننا، ونرجع ولمَّا يحكمِ الله بيننا وبينهم؟

قال: "يا ابن الخَطَّاب! إِنِّي رَسُولُ الله، ولن يُضيِّعَني اللَّهُ أَبَدًا".

فانطلَق عمرُ ولم يصبر، متغيِّظًا، فأتى أبا بكر؛ فقال له مثل ذلك.

فقال أبو بكر: إنَّه رسول الله، ولن يُضيِّعه الله أبدًا.

قال: فنزَل القرآن على رسول الله بالفتح، فأرسلَ إلى عمر، فأقرأه إيَّاه، فقال: يا رسول الله! أَوَ فَتْحٌ هو؟ قال: "نَعَم". فطابت نفسُه، ورجع (١).

فهذا من فوائد الملازمة، والانقيادِ للعلماء، والصبر عليهم في مواطن الإشكال؛ حتى لاح البرهان للعيان.

وفيه قال سَهْل بن حُنَيف يومَ صِفِّين: "أيها الناس! اتهِمُوا رأيَكم، والله لقد رأيتُني يومَ أبي جَنْدَل (٢)، ولو أنِّي أستطيع أن أرُدَّ أمرَ رسول الله لرددتُه" (٣).


(١) أخرجه البخاري (٣١٨٢)؛ ومسلم (١٧٨٥).
(٢) سُمي يوم الحديبية يوم أبي جندل؛ لشدة وَقع قصة أبي جندل على المسلمين يومَها؛ إذ أرجعه النبي إلى أبيه سُهيل بعدما عاد فارًّا من المشركين، وذلك وَفق الشرط الذي اتفق عليه النبي مع المشركين.
(٣) أخرجه البخاري (٣١٨١)، (٧٣٠٨)؛ ومسلم (١٧٨٥).

<<  <   >  >>