للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحكاياتِهم، أبصَرَ العَجَبَ في هذا المعنى.

وأما الخبر؛ ففي الحديث: "خيرُ القُرُون قَرْنِي، ثُمَّ الذين يلُونَهم، ثُمَّ الذين يلُونُهم" (١)، وفي هذا إشارة إلى أن كلَّ قرن مع ما بعده كذلك.

ورُوي عن النبي : "أَوَّلُ دِينَكُم نبوة ورحمة، ثُمَّ مُلك ورحمة، ثُمَّ مُلك وجبرية، ثُمَّ مُلك عضوضٌ" (٢)، ولا يكون هذا إلا مع قلة الخير، وتكاثر الشرِّ شيئًا بعد شيء، ويندرِج ما نحن فيه تحت الإطلاق.

وعن ابن مسعود أنه قال: "ليس عامٌ إلا الذي بعدَه شرٌّ منه، لا أقول عامٌ أمطرُ من عامٍ، ولا عامٌ أخصبُ من عامٍ، ولا أميرٌ خيرٌ من أميرٍ، ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم، ثم يحدُث قومٌ يقيسون الأمور برأيهم؛ فيُهدَم الإسلام ويُثْلَم" (٣). ومعناه موجود في "الصحيح" في قوله: "ولكن ينتزِعُه مع قَبضِ العلماءِ بِعِلمِهم؛ فيَبَقَى ناسٌ جهَّالٌ يستفتُونَ فيُفتُونَ برأيهم، فيَضِلُّونَ ويُضِلُّونَ" (٤).

والأخبارُ هنا كثيرة، وهي تدلُّ على نقص الدِّين والدنيا، وأعظمُ ذلك العِلم؛ فهو إذًا في نقصٍ بلا شكٍّ؛ فلذلك صارت كتب المتقدِّمين وكلامُهم وسِيَرُهم، أنفعَ لمَن أراد الأخذ بالاحتياط في العِلم، على أيِّ نوع كان، وخصوصًا عِلم الشريعة، الذي هو العُروة الوثقى والوَزَر الأحمى" (٥).


(١) أخرجه البخاري (٢٦٥١)؛ ومسلم (٢٥٣٣).
(٢) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (٢٢٥)؛ والدارمي في سننه (٢١٤٦).
(٣) أخرجه بهذا اللفظ ابن وضاح في: البدع والنهي عنها ص ١٥٨ (٢٣٢)؛ وابن عبد البر في: جامع بيان العلم ٢/ ١٠٤٣ (٢٠٠٨، ٢٠٠٩).
(٤) أخرجه البخاري (٧٣٠٧).
(٥) الموافقات ١/ ١٤٥ - ١٥٤.

<<  <   >  >>