للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا طُلب ما تُفسَّر به أعوزَ ذلك، فصار بيانُها أشد من بيان غيرها؛ هذا ما قال ابن سِيده في "المخصص" في توجيه المسألة (١)، وكأنه منتزَع من كلام سيبويه، فإنه لما تكلَّم على معاني الحروف وما أشبهَها من الأسماء في "باب عِدَّة ما يكون عليه الكَلِم"، ختم الباب بأن قال: "وإنما كتبنا من الثلاثة وما جاوزها غير المتمكِّن الكثيرَ الاستعمال من الأسماء وغيرها الذي تكلَّمُ به العامة؛ لأنه أشد تفسيرًا، وكذلك الواضح عند كلِّ أحدٍ هو أشد تفسيرًا؛ لأنه يُوضَّح به الأشياء، فكأنه تفسيرُ التفسير"، ثم قال: "وإنما كتبنا من الثلاثة على نحو الحرف والحرفين، وفيه الإشكال والنظر" (٢).

هذا ما قال، وهو يشير إلى ما تقدَّم، فكان إذًا تفسير الحروف العربية وما أشبهَها من مشكلات الكَلِم التي لا مرادف لها تُفسَّر به مما يُلحَق النظر فيه بعلِم النحو بهذا التقرير، وعلى هذا جرى النحويون فيما أشكل معناه من الأدوات أو ما أشبَه الأدوات" (٣).

إلا أن متقدِّمي النحاة كان لهم مزيد عناية بتقرير المعاني والنظر فيها بخلاف ما استقرَّ عليه الأمر عند المتأخِّرين كما تقرَّر في هذه المقالة؛ فـ "سيبويه وإن تكلَّم في النحو، فقد نبَّه في كلامه على مقاصد العرب وأنحاء تصرُّفاتها في ألفاظها ومعانيها، ولم يقتصر فيه على بيان أن الفاعل مرفوعٌ والمفعول منصوبٌ ونحو ذلك، بل هو يُبيِّن في كلِّ باب ما يليق به، حتى إنه احتوى على عِلم


(١) راجع: المخصص ٤/ ٢٣٥.
(٢) الكتاب ٤/ ٢٣٥.
(٣) المقاصد الشافية ٣/ ٥٨٣، ٥٨٤، ٥٨٥.

<<  <   >  >>