للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: أن الشاطبي نصَّ على أن عبارات القرآن قد يكون فيها خروج عن القوانين الكلية، إلَّا أن هذه العبارات هي المُفصِحة عن المعنى والموافقة المقتضى الحال الذي هو ذروة سنام البلاغة والبيان، كما سيأتي ذِكره في المقالة الثالثة من "الفصل السادس".

ولذلك عندما قرَّر الشاطبي أن العِلم الأكيد الاشتراط في المجتهد هو العربية، نبَّه على أنَّه لا يقصد بالعربية النحوَ وحدَه ولا البيان وحدَه ولا غيرهما من علوم العربية، بل كل علوم العربية التي تُعين المجتهد على أخذ المعاني من ألفاظ الشارع، وسيأتي تقرير هذا بالتفصيل في المقالة الثانية من "الفصل الرابع".

وهذا الوجه فيه ردٌّ أيضًا على الدكتور في مناقشته للشاطبي في الأمر الثاني وهو قول الشاطبي: إن العرب من شأنها الاستغناء ببعض الألفاظ إلخ.

فالشاطبي في هذه الأوجه التي ذكرها للتدليل على أن العرب لا ترى الألفاظ تعبُّدًا عند محافظتها على المعاني، لم يُرِد منها أكثر من تقرير أن يعتني الناظر في الكتاب والسُّنة بالمعاني، ويُراعي نهج العرب - الذين نزَل القرآن بلسانهم - في تقريرها، ويدلُّ على ذلك آخر كلامه، وهو: "فلا يستقيم للمتكلِّم في كتاب الله أو سُنَّة رسول الله أن يتكلَّف فيهما فوقَ ما يسَعُه لسان العرب، ولْيكُن شأنُه الاعتناءَ بما شأنُه أن تعتني العرب به، والوقوفَ عند ما حدَّتْه"، لا أنَّه يريد أن إهمال بعض أحكام اللفظ أو رَمْي بعض الكلام على عواهنه الموجود في كلام العرب - هو كذلك موجودٌ في القرآن!

وعلى هذا فقول الدكتور - متابعًا فيه الشيخ دراز - على الدليل الرابع والثالث اللذين استدل بهما الشاطبي على ما أراد في هذا الأصل: "وكان مقتضى هذا

<<  <   >  >>