للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى اجتناب التدقيق الخوف من السقوط في التكلُّف وتحميل اللغة والنفْس فوق ما تطيق، ثُمَّ قرَّر أنَّ القرآن ليس فيه شيء من ذلك البتة؛ فليس فيه خروج عند الحاجة ولا عجزٌ عن الاستيفاء، وأنه ليس فيه خروج عن كل أنماط اللسان العربي ومذاهبه في القول، وما قد يُظنُّ أنه خروج فهو في حقيقته اختيار لنهج من العربية يتناسب مع المقام الدلالي والقصد البياني، ولذلك فلا تصلح قواعد النحويين عيارًا لما جاء به القرآن (١).

هذا ما قال الدكتور وقرَّره، وهو بعيد جدًّا عمَّا أراده الشاطبي، والكلام مع الدكتور - حفظه الله - من أوجُه:

الأول: أن الشاطبي لا يقول إن البيان القرآني فيه ضرورة وحاجة كما هو متفَقٌ عليه عند سائر العلماء، وقد نصَّ على ذلك في كتابه "المقاصد الشافية" (٢).

الثاني: أن الشاطبي أراد بالخروج عن القوانين المطردة الخروج عن القواعد الكلية التي وضعها النحاة من خلال الاستقراء التامِّ لكلام العرب، وهي قواعد أكثرية أغلبية حُكمها حُكم الكلي كما سيأتي بيانه بالتفصيل في المقالة الرابعة من هذا الفصل، فالشاطبي يعي ولا يخفى على مِثله أن القرآن ليس فيه خروج تامٌّ عن تراكيب كلام العرب، وسيأتي أيضًا منافحته عن قراءة ابن عامر: (وكذلك زُيِّن لكثير من المشركين قتلُ أولادَهم شركائهم) [الأنعام: ١٣٧] في خاتمة الكتاب من هذا الوجه.


(١) راجع: سبل استنباط المعاني من القرآن والسنة، ص ١٠٧ - ١٠٩.
(٢) ٣/ ٤٠٥، ٥/ ٢٩٦. وراجع: أصول العربية، ص ١٧٢، ١٩٠ - ١٩٢.

<<  <   >  >>