للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"لا يشُكُّ أحد في أنه يُلتزَم في القياس أو في السماع المحكيِّ ما التزمتْه العرب، وعلى هذا مبنى النظر في العربية" (١)؛ "فلا معنى للقياس إلا أن يوصل إلى معرفة كلام العرب" (٢)، و"القاعدة أنه لا بُدَّ من اتباع العرب في المسموع كلِّه، وتركِ القياس معه" (٣)، ولهذا "لا يجوز لنا نحن أن نتكلَّم بما تركته العرب مما علِمْنَا قصدها لتركِهِ" (٤) معتمدِين على القياس.

وحال القياس هذه في العربية تُشبِه حال القياس في الشريعة - لأن كلًّا من العربية والشريعة أصلُهما منقول واجب التسليم والقبول كما هو مُبيَّن في أصولهما -؛ ففي الشريعة "ليس القياس من تصرُّفات العقول محضًا، وإنما تصرَّفت فيه من تحت نظر الأدلة، وعلى حسب ما أعطته من إطلاق أو تقييد .... ، فإنا إذا دلَّنا الشرع على أن إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه معتبَرٌ، وأنه من الأمور التي قصدها الشارع، وأمر بها، ونبَّه النبيُّ على العمل بها؛ فأين استقلال العقل بذلك؟ بل هو مهتَدٍ فيه بالأدلة الشرعية، يجري بمقدار ما أجْرَتْه، ويقف حيث وقَفتْه" (٥).

ولهذا أيضًا كان الدليل اللغوي يُشبِه الدليل الشرعي من جهة أن "كلَّ دليل شرعي؛ فمبنيٌّ على مقدِّمَتين:

إحداهما: راجعة إلى تحقيق مناط الحُكم.


(١) المقاصد الشافية ٣/ ١٩٥.
(٢) السابق ٥/ ٦٣٥.
(٣) المقاصد الشافية ٧/ ٤٩.
(٤) السابق، ٧/ ٥٠.
(٥) الموافقات ١/ ١٣٣.

<<  <   >  >>