للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشياء عِلمُ البيان أخصُّ بالنظر فيها من عِلم النحو " (١)، فـ "اعتبار المقاصد البيانية وظيفةُ البياني، وليس على النحويِّ اعتبارُ ذلك من حيث هو نحويٌّ" (٢)، فهذا ومثله "ليس … من صناعة النحو، وإنما يختصُّ بالكلام في ذلك أهل عِلم المعاني" (٣)، و"عِلم المعاني والبيان الذي يُعرَف به إعجاز نظم القرآن فضلًا عن معرفة مقاصد كلام العرب؛ إنما مداره على معرفة مقتضيات الأحوال حالَ الخطاب من جهة نفس الخطاب، أو المخاطِب، أو المخاطَب، أو الجميع؛ إذ الكلام الواحد يختلف فهمه بحسب حالَين، وبحسب مخاطَبين، وبحسب غير ذلك؛ كالاستفهام، لفظُه واحد، ويدخُله معانٍ أُخَر من تقرير وتوبيخ وغير ذلك، وكالأمر يدخُله معنى الإباحة والتهديد والتعجيز وأشباهها" (٤).

وكذلك عِلم معرفة عادات العرب في أقوالها وأفعالها، وأهلُه هُم "أهل الأخبار المنقولة عن العرب المبيِّنة لمقتضيات الأحوال" (٥)، و"معرفة عادات العرب في أقوالها وأفعالها ومجاري أحوالها حالةَ التنزيل، وإن لم يكن ثَمَّ سببٌ خاصٌّ لا بُدَّ لمَن أراد الخوض في عِلم القرآن منه، وإلا وقع في الشُّبَه والإشكالات التي يتعذَّر الخروج منها إلا بهذه المعرفة … ، ولا بُدَّ من ذِكر أمثلة تُعِين على فهم المراد.

أحدها: قول الله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ﴾ [البقرة: ١٩٦]؛ فإنما أمَر بالإتمام دون الأمر بأصل الحج؛ لأنهم كانوا قبل الإسلام آخذين به، لكن على تغيير بعض الشعائر، ونقصِ جملة منها؛ كالوقوف بعَرَفة وأشباه ذلك مما غيَّروا،


(١) المقاصد الشافية ٥/ ٢٤٦.
(٢) السابق، ٤/ ٦٨٤.
(٣) المقاصد الشافية ٢/ ٤٧٠.
(٤) الموافقات ٤/ ١٤٦.
(٥) الاعتصام ٣/ ٢٥٦.

<<  <   >  >>