للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير ذلك مما في معناه، حتى يعلموا أنهم لم ينفردوا بهذا الأمر دون الخَلق الماضيين، بل هم مشترِكون في مقتضاه، ولا يكونون مشترِكين إلا فيما لهم مُنَّة على تحمُّله وزادهم تخفيفًا دون الأوَّلين وأجرًا (١) فوقَهم، فضلًا من الله ونعمة، والله عليم حكيم.

وقد خرَّج الترمذي وصححه (٢) عن أُبي بن كعب، قال: "لقِي رسولُ الله جبريلَ، فقال: "يا جبريلُ إِنِّي بُعِثْتُ إلى أُمَّةٍ أُمِّيِّينَ منهمُ العَجُوزُ، والشَّيخُ الكبيُر، والغلامُ والجاريةُ، والرَّجُلُ الذي لم يقرأ كِتابًا قَطُّ". قال: "يا محمَّدُ إِنَّ القرآنَ أُنزِلَ على سبعة أحرُفٍ"".

فالحاصل أن الواجب في هذا المقام إجراء الفهم في الشريعة على وزان الاشتراك الجمهوري الذي يسع الأُمِّيِّين كما يسع غيرَهم" (٣).

فلا يصِحُّ حمل كلام الشارع على غير هذا المعهود وإن كان يُظنُّ أنه متحقِّقٌ معه ما هو معتَبر الشارع ومقصده، ومثال ذلك أن ابن مالك في "التسهيل" (٤) "أطلق على الباء التي يُسمِّيها النحويون باء الاستعانة باءَ السببية، نحو: كتبتُ بالقلم، وقطعتُ بالسكين، وضربتُه بالسَّوط. واعتذَر عن إيثار هذا الإطلاق الذي اصطلح عليه من أجل الأفعال المنسوبة إلى الله ﷿؛ فإن استعمال السببية فيها يجوز، واستعمال الاستعانة فيها لا يجوز، نحو قوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ


(١) في النشرة المعتمدة: "أجرى"، والمثبت من نشرة (أيت) ٣/ ١٩٨، وهو الصواب.
(٢) كما في سننه (٢٩٤٤).
(٣) الموافقات ٢/ ١٣٦ - ١٣٨.
(٤) تسهيل الفوائد، ص ١٤٥.

<<  <   >  >>