ومن أمثلة هذا … ما ادَّعاه مَن لا خلاق له من أنه مسمًّى في القرآن كبيان بن سمعان؛ حيث زعم أنه المراد بقوله تعالى: ﴿هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٣٨] الآية، وهو من التُّرَّهات بمكان مكين، والسكوتُ على الجهل كان أولى به من هذا الافتراء البارد، ولو جرى له على اللسان العربي؛ لعدَّه الحمقى من جملتهم، ولكنه كشف عوار نفسه من كلِّ وجه، عافانا الله، وحفِظ علينا العقل والدِّين بمَنِّه.
وإذا كان بيان في الآية علَمًا له، فأيُّ معنًى لقوله: ﴿هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ﴾، كما يقال: هذا زيدٌ للناس.
ومِثله في الفُحش مَن تسمَّى بالكِسْف، ثم زعم أنه المراد بقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا﴾ [الطور: ٤٤] الآية، فأيُّ معنًى يكون للآية على زعمه الفاسد؟! كما تقول: وإن يرَوا رَجُلًا من السماء ساقطًا يقولوا: سحاب مركوم. تعالى الله عما يقول الظالمون عُلُوًّا كبيرًا.
وبيانُ بن سمعان هذا هو الذي تنسب إليه "البيانية" من الفرق، وهو فيما زعم ابن قتيبة (١) أولُ مَن قال بخَلق القرآن.
والكِسْف هو أبو منصور الذي تُنسَب إليه "المنصورية".
وحكى بعض العلماء أن عُبيد الله الشيعي المسمى بالمهدي حين ملَك إفريقية واستولى عليها، كان له صاحبان من كُتَامة ينتصر بهما على أمره، وكان أحدُهما يُسمَّى بنصر الله، والآخر بالفتح؛ فكان يقول لهما: أنتما اللذان ذكركما الله في
(١) كما في: تأويل مختلف الحديث، له، ص ١٢٤؛ وكذا في: عيون الأخبار ٢/ ١٦٥.