للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا على ثبوت الزكاة في قليل الحبوب وكثيرها بقوله : "فيما سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ" (١) الحديث. مع أن المقصود تقدير الجزء المُخرَج لا تعيينُ المُخرَج منه.

ومثله كلُّ عامٍّ نزل على سبب، فإن الأكثر على الأخذ بالتعميم اعتبارًا بمجرَّد اللفظ، والمقصودُ (٢) كان السببَ على الخصوص.

واستدلوا على فساد البيع وقت النداء بقوله تعالى: ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩] مع أن المقصود إيجاب السعي، لا بيانُ فساد البيع.

وأثبتوا القياس الجليَّ قياسًا كإلحاق الأَمَة بالعبد في سِراية العِتق، مع أن المقصود في قوله : "مَن أَعتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ" (٣) مُطلَق المِلك، لا خصوص الذَّكَر.

إلى غير ذلك من المسائل التي لا تُحصى كثرةً، وجميعُها تمسُّك بالنوع الثاني لا بالنوع الأول، وإذا كان كذلك، ثبَت أن الاستدلال من جهته صحيح مأخوذ به.

وللمانع أن يستدل أيضًا بأوجه:

أحدها: أن هذه الجهة إنما هي - بالفرض - خادمةٌ للأُولى وبالتبع لها، فدلالتُها على معنًى إنما يكون من حيث هي مؤكِّدة للأُولى، ومُقويةٌ لها، وموضحةٌ لمعناها، وموقعةٌ لها من الأسماع موقعَ القبول، ومن العقول موقعَ الفهم، كما


(١) أخرجه البخاري (١٤٨٣).
(٢) بعده في النشرة المعتمدة: "وإن"، والمثبت من نشرة (أيت)، ٣/ ٢٢٤، وهو الصواب.
(٣) أخرجه البخاري (٢٥٢٢)، ومسلم (١٥٠١).

<<  <   >  >>