للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غرضها إبعاد الناس عن الدين، فلماذا أُتْعِبُ نفسي بصلاةٍ وزكاةٍ وحجٍّ وصيامٍ وأتقيَّد بأحكام هذا الدين إن كان حبُّ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم يكفيني، لاحظ كيف يحاولون جاهدين إبعاد الناس عن دين الله وتسفيه أركانه، فلا حاجة لها أصلاً، وأمر الله سبحانه بها إنما هو من لغط القول، فيكفي الإنسان الحبّ ليجاور النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإن لم يقم بأي من واجبات الدين وهذا ما يريده بريد ومن هم على شاكلته، وفي هذا الحديث يروي آية تهدم أركان هذا الحديث وهذه الكذبة، وهي قول الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (١).

فإنّ الله سبحانه قد قيّد محبته بالاتِّباع، وهذا هو مصداق الحب، أما من يدعي حبَّ الله وحبَّ نبيِّه صلوات الله وسلامه عليه وحبَّ الصالحين، وهو أبعد ما يكون عن اتِّباعهم، فهذا كذَّابٌ مفتر، ولن ينفعه حبُّه هذا قيد أنمله، وقد أبطل الإمام «الباقر» هذا الادِّعاء بقوله: «لاقرابة بيننا وبين الله عزَّ وجلّ، ولا يتقرب إليه إلا بالطاعة له» وقال أيضاً: «من أطاع الله وأحبنا فهو ولينا ومن عصى الله لم ينفعه حبنا» (٢)، وقال رضي الله تعالى عنه: «حسب الرجل أن يقول أُحب عليَّاً وأتولَّاه ثم لا يكون مع ذلك فعَّالاً فلو قال إني أحبُّ رسول الله، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير من علي صلى الله عليهما وعلى آلهما وسلم ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل


(١) آل عمران (٣١).
(٢) بحار الأنوار للمجلسي (٦٨/ ١٧٩).

<<  <   >  >>