للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبالغة ما ليس في الرحيم، ولذا قالوا: رحمن الدنيا والآخرة ورحيم [الدنيا] (١)، ويقولون: إن الزيادة في البناء لزيادة المعنى"، انتهى. وسبق التحقيق والله ولي التوفيق.

(تعطيهما) "أي: الرحمة في الدنيا والآخرة" (٢)، ذكره المصنف وهو غير ظاهر لفظًا ومعنًى؛ فالصواب: تعطي الدنيا والآخرة جميعًا (من تشاء) أي: من خواص عبادك كسليمان من الأنبياء، وعثمان من الأولياء، (وتمنع منهما) أي: بعضهما، (من تشاء) أي: من عبادك بأن تمنعه من زيادة الدنيا فقط؛ تكميلًا لآخرته، وهو حال أكثر الأنبياء وغالب الأولياء، وله حظٌ وافر من المقامين، وإن كان هو بنفسه مائلًا إلى كونه من الفقراء والمساكين؛ إيماءً إلى أنه الحال الأكمل والمقام الأفضل.

ولهذا ذهب جمهور العلماء وعامة المشايخ إلى أن الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر، وتفصيل المبحث يحتاج إلى بسط ليس هذا محله، وبأن تمنع من تشاء من [عبادك] (٣) من حظ الآخرة ونعيمها، وهو أعم من أن يكون له حظ وافر في الدنيا أم لا، وفيه إيماء إلى أنه لا يمنعهما جميعًا


(١) كذا قال الزمخشري في الكشاف (١/ ٤٩ - ٥٠)، ولا أدري هل هو سبق قلم منه أم ماذا؛ فصواب الكلمة: "الآخرة"، لما قرره هو -وما سبق تحريره- من أن الرحمن أبلغ من الرحيم، وأن الرحيم خاصة بالمؤمنين، ومعلوم أن الرحمة يوم القيامة للمؤمنين، والله أعلم.
(٢) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ١٤/ أ).
(٣) هذا هو الأليق بالسياق، وفي جميع النسخ: "عباده".

<<  <  ج: ص:  >  >>