للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ميرك: "وأصل الطيرة: أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطيرة؛ فإذا خرج أحدهم لأمر فإن رأى الطير طار عن يمينه تيمن به واستمر، وإن رآه طار عن يساره تشاءم به ورجع، وربما كان [أحدهم] (١) يهيج الطير لتطير فيعتمدها، فجاء الشرع بالنهي عن ذلك، وكانوا يسمون السانح -بمهملة ونون ثم حاء مهملة- والبارح -بموحدة وآخره مهملة-، والسانح: ما ولاك ميامنه بأن يمر من يسارك أي يمينك، والبارح بالعكس؛ لأنه لا يمكن رميه إلا بأن ينحرف إليه.

وليس في شيء من سنوح الطير وبروحها ما يقتضي ما اعتقدوه، وإنما هو تكلف بتعاطي ما لا أصل له؛ إذ لا نطق للطير ولا تمييز يستدل على فعله مضمون معنى فيه، وطلب العلم من غير [مظانه] (٢) جهل عن فاعله، وكان بعض عقلاء الجاهلية ينكر التطير ويتمدح بتركه".

فإذا عرفت ذلك فقوله: "إذا رأيتم من الطيرة"، (شيئًا تكرهونه فقولوا) ليس له مفهوم معتبر، بل يقول على كل حال إذا خطر شيء من الطيرة بالبال: (اللهم لا يأتي بالحسنات) الباء للتعدية، أي: لا يقدر ولا يحصل المستحسنات على وفق المرادات، (إلا أنت، ولا يذهب بالسيئات) أي: ولا يزيل المكروهات، (إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك) وفي رواية ابن أبي شيبة: "إلا بالله"، وهو "أصل الجلال"، والأول "أصل الأصيل"


(١) كذا في (أ) و (ج) و (د)، وفي (ب): "بعضهم".
(٢) هذا الأليق بالسياق، وفي (أ): "مظن"، وفي (ب) و (ج) و (د): "مظان".

<<  <  ج: ص:  >  >>