للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اعلم أن زيارة الميت كزيارته في حال حياته يستقبله بوجهه، فإن كان في الحياة إذا زاره يجلس منه على البعد؛ لكونه عظيم القدر، فكذلك في زيارته يقف أو يجلس على البعد [منه] (١)، وإن كان يجلس منه على القرب في حياته كذلك يجلس بقربه في زيارته (٢).


(١) كذا في (أ) و (ب)، وفي (ج): "عنه".
(٢) قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٢٧/ ٢٣٦): وَهَذ التَّسْوِيَةُ وَالْقِيَاسُ مَا عُرِفَتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ سَافَرُوا إلَى الرَّسُولِ فَسَاعَدُوهُ وَسَمِعُوا كَلَامَهُ وَخَاطَبُوهُ وَسَألُوهُ فَأَجَابَهُمْ وَعَلَّمَهُمْ وَأَدَّبَهُمْ وَحَمَّلَهُمْ رَسَائِلَ إلَى قَوْمِهِمْ وَأَمَرَهُمْ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُ: لَا يَكُون مِثْلَهُمْ أَحَدٌ بِالْأَعْمَالِ الْفَاضِلَةِ: كَالْجِهَادِ وَالْحَجِّ. فَكَيْفَ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ رُؤيةِ ظَاهِرِ حُجْرَتِهِ مِثْلَهُمْ أَوْ تُقَاسُ هَذه الزِّيَارَةُ بِهَذ الزِّيَارَةِ.
وقال أيضًا: "وأمّا جعل زيارة القبر كزيارته حيًّا؛ فهذا قياس ما علمتُ أحدًا من علماء المسلمين قاسه، ولا علمتُ أحدًا منهم احتجّ في زيارة قبره بالقياس على زيارة الحيّ المحبوب في الله، وهذا من أفسد القياس؛ فإنّه من المعلوم أنّ مَن زار الحيّ حصل له بمشاهدته وسماع كلامه ومخاطبته وسؤاله وجوابه وغير ذلك ما لا يحصل لمَن لم يشاهده ولم يسمع كلامه.
وليس رؤية قبره أو رؤية الجدار الذي بني على بيته بمنزلة رؤيته ومشاهدته ومجالسته وسماع كلامه؛ ولو كان هذا مثل هذا؛ لكان مَن زار قبره مثل واحد من أصحابه، ومعلوم أنّ هذا من أباطل الباطل.
لم يأت قول أو فعل من النبي أو السلف الصالح يفيد ذلك.
وغاية الاستدلال بحديث "ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>