هذا الذي تقدم حديث معاذ، أي: مما سمعه من رسول الله ﷺ وبعد سماعه.
(قال: يا رسول الله، أفلا أخبر الناس) أي: ألا أبشرهم، أي: أفلا أعلِمُهُمْ بهذا الحديث فيستبشروا، أي: فيفرحوا، وهو منصوب بحذف النون في جواب الاستفهام أو النفي.
(قال: إذًا) بالتنوين، (يتكلوا) بتشديد الفوقية وكسر الكاف، أي: يعتمدوا، وهذا من قبيل:"إذًا أكْرِمَكَ" بالنصب في جواب: "أنا أُحسن إليك"، فكأنه قال: إن أحسنت إليَّ أُكْرِمْكَ، فهو جواب وجزاء.
فالمعنى: إن بشرتهم وأخبرتهم بهذا الحديث اتكلوا على مجرد هذه الكلمة، وفتروا عن أداء سائر أنواع العبادة. وعند بعض الرواة:"ينكلوا" بإسكان النون وضم الكاف أي: يمتنعوا من العمل أعتمادًا على ما يتبادر من ظاهره.
ثم اعلم أنه ورد على ظاهر الحديث إشكال، وهو أن الأدلة القطعية عند أهل السنة دلت على أن طائفة من عصاة المؤمنين الموحدين يعذبون ثم يخرجون من النار بالشفاعة.
وأجيب: بأن ظاهره غير مراد، فكأنه قال: أن ذلك مقيد بمن عمل الأعمال الصالحة، ولأجل خفاء ذلك لم يُؤْذِنْ لمعاذ بالتبشير. وقيل:"إنه مطلق مقيد بمن قالها تائبًا ثم مات".
وقال الحسن:"معناه: من قال الكلمة وأدى حقها". وقيل: "المراد