للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: وفي التنزيل ﴿طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩]؛ فقيل: "طوبى: اسم شجرة في الجنة"، وقيل: " [اسم] (١) الجنة" على ما ذكره في "النهاية"، وقيل: كلمة إنشاء لأنه دعاء معناه: أصاب خيرًا". والأظهر أن معناه: الحالة الحسنى.

(لمن وجد) أي: صادف، (في صحيفته استغفارًا كثيرًا) قال السبكي الكبير: "الاستغفار: طلب المغفرة باللسان أو بالقلب أو بهما.

فالأول: فيه نفع؛ لأنه خير من السكوت، ولأنه يعتاد فعل الخير.

والثاني: نافع جدًّا.

والثالث: أبلغ منه لكنهما لا يمحصان الذنب حتى توجد التوبة، فإن العاصي المصر يطلب المغفرة ولا يستلزم ذلك وجود التوبة منه … ".

إلى أن قال: "والذي ذكرته من أن معنى الاستغفار غير معنى التوبة هو بحسب وضع اللفظ، لكنه غلب عند كثير من الناس أن لفظ: "أستغفر الله" معناه التوبة، فمن كان ذلك معتقده فهو يريد التوبة لا محالة".

ثم قال: "وذكر بعض العلماء: أن التوبة لا تتم إلا بالاستغفار لقوله تعالى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ [هود: ٣]، والمشهور أنه لا يشترط"، كذا ذكره ميرك عن الشيخ.

قلت: الآية دالة على أن الاستغفار غير التوبة، وأنها تتم بدونه لعطفها عليه بـ "ثم" المشير بها إلى أنها أعلى مرتبة منه ومغايرةً له، فمعنى الآية: استغفروا بلسانكم وتوبوا إليه بجنانكم، فإن الجمع بينهما أولى في مرتبة إحسانكم.


(١) من (ج) و (د) و"النهاية" فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>