للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزحف، وإن كان ذنوبه أكثر من زبد البحر، وأما الدعاء فلا يشترط فيه هذه الشروط" (١).

قلت: وفيه بحثان:

أحدهما: أن التوبة بشروطها سبب تحقق المغفرة ووجوبها، لأنه لا يستحق المغفرةَ أحدٌ بدون وجودها، فـ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، وهذه المغفرة قد تكون بلا سبب، وقد توجد بسبب ذكر أو عبادة مع حضورٍ أو غفلةٍ، فإن فضل الله واسع، ورحمته عظيمة.

وثانيهما: أن الدعاء أيضًا له شرائط لقبوله، وأركان لحصول وصوله، فلا كل دعوة مقبولة، ولا كل مسألة محصولة؛ فقد روى الترمذي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "اعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ وقال: "هذا حديث غريب" (٢).

ولا يخفى أن الغرابة لا تنافي الحسن [والصحة] (٣)، وأما ما قال صاحب "الأذكار": "إنه غريب ضعيف"، فلعل ضعفه من جهة أخرى،


(١) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ١٧/ أ).
(٢) أخرجه الترمذي (٣٤٧٩) وقال: حديث غريب، والحاكم (١/ ٤٩٣) وكذلك الطبراني في الأوسط (٥١٠٩)، وتفرد به صالح بن بشير المري وهو ضعيف كما قال الحافظ في التقريب (٢٨٤٥) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٢٤٥) وفي السلسلة الصحيحة (٥٦٤).
(٣) كذا في (أ) و (ب) و (ج)، وفي (د): "ولا الصحة".

<<  <  ج: ص:  >  >>