البلاء (فقال: أمَا كان هؤلاء) باستفهام توبيخ، و"ما" نافية، أي: ألم يكونوا قبل الابتلاء حال الرخاء والنعماء (يسألون الله العافيه) أي: دوامها، ففيه إيماء إلى أن من التزم الدعاء عند الرخاء حفظ من البلاء، ومن ترك الدعاء وغفل عن التضرع إلى رب السماء، يكون البلاء له الجزاء. (ر) أي: رواه البزار عن أنس (١).
(ما من مسلم)"مِن" زائدة لتأكيد النفي (ينصب وجهه) بكسر الصاد، أي: يرفعه ويجعل توجهه (لله تعالى) أي: خالصًا له (في مسألة) أي: مسئولة ودعوة مطلوبة (إلا أعطاهما) أي: الله (إياه) أي: ذلك المسلم، وفي حكمه المسلمة.
(إما أن يعجلها) بتشديد الجيم، أي: الله تلك المسألةَ، بعينها، أو بعوض أحسن، أو بدفع بلاء أعظم منها، فورًا أو متراخيًا في الدنيا، (له) أي: لذلك المسلم، (وإما أن يدخرهما) بتشديد الدال المبدلة عن المعجمة، أي: يجعلها ذخيرة (له) أي: لذلك المسلم في العقبى بأن يعطيه جزيل ثوابها، أو يغفر بعض ذنوبه بسببها.
والحاصل: أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، فلا ينبغي للسالك أن يترك عمله حيث لم يتعجل أمله، فإنه كما قال تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
(١) أخرجه البزار في المسند (٦٦٤٣) وقال الهيثمي: رواه البزار، ورجاله ثقات "مجمع الزوائد" (١٠/ ١٤٧) وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢١٩٧).