للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهم، وأعظمَ غنيمةً؟ قالوا: نعم، قال: أقوامٌ يصلون الصبح، ثم يجلسون في مجالسهم، فيذكرون الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم يصلون ركعتين، ثم يرجعون إلى أهاليهم، فهؤلاء أعجلُ كرةً وأعظمُ غنيمةً" (١).

قلت: ذلك الفضل من الله، وكفى بالله عليمًا، وفيه إشارة إلى أنه لا يلزمه أن يقعد في مكانه الذي صلى فيه، بل له أن يتحوّل عن الصفّ إلى الموضع الذي أراد أن يجلس فيه لذكرٍ أو تلاوةٍ، أو تعلمٍ أو تعليمٍ، فإنّ المقصود الأصليّ إنما هو إشغال الوقت بالذكر الإلهي، ولو في بيته أو دكانه. نعم، في محلّه أكمل، وفي مسجده أفضلُ، وفيه إيماءٌ إلى أنّ المسجد كلّه مكانٌ واحدٌ، وموضعٌ [واحد] (٢) متحدٌ حكمًا.

(ذاكر الله في الغافلين) أي: فيما بينهم من المشتغلين عن الله بالبيع ونحوه في الأسواق وغيرها (بمنزلة الصابر) أي: الغازي المجاهد (في الفارين) أي: في الجمع الذين فرُّوا من الكفّار، ولو كان فرارُهم جائزًا لهم في بعض الصور، فإن الصبر أعلى مرتبةً؛ لأنَّ الله مع الصابرين، والنصر مع الصبر.

فالذاكر قاهر لجندِ الشيطان، وغالبٌ على المطلوب، والفارّ مقهورٌ ومغلوبٌ، قال المؤلف: "هو بتشديد الراء، أي: الفارين من الزحف إذا


(١) أخرجه أبو الليث السمرقندي في "تنبيه الغافلين" (٨٥٩).
(٢) من (هـ) فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>